قال القرطبي : الآية حجة على المعتزلة ويلزمهم الكفر في قولهم : أن لفظ الرزق لا يطلق إلا على الحلال ؛ لأن من تغذى من صغره إلى كبره بالحرام يلزمهم أن لا يدخل في عموم قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) [هود : ٦].
فقال ابن عرفة : يكون عاما مخصوصا ، أو مما رزقنا مجازا أو من باب التغليب باعتبار الأكثر فإن الأكثر حلال ، وقال غيره : هذا الخلاف لفظي لا يبنى عليه كفر ولا إيمان.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ).
قال الزمخشري : إن قلت : إن معناها أنزل إليك كل القرآن فليس بماض ، وإن أراد سبق إنزال منه فهو إيمان ببعض المنزل والإيمان بالجميع واجب.
ورده ابن عرفة إنما يجب مع العلم بإنزال ما سينزل معه أما مع عدم العلم فلا يجب الإيمان إلا بما أنزل منه فقط وما لم في الحال يعلم فإنه سينزل لسنا مكلفين بالإيمان به.
وأجاب الزمخشري : إن المراد الإيمان بالجميع ، وعبر بالماضي تغليبا لما أنزل على ما سينزل.
ابن عرفة : فيلزمه استعمال اللفظة الواحدة في حقيقتها ومجازها وفيه خلاف عند الأصوليين.
ابن عرفة : فيلزمه أو يجاب بأن المراد إنزاله من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، وقد كان ماضيا.
قال ابن عرفة : وعادة الشيوخ يوردون هنا سؤالا وهو إن لم أره لأحد وهو هلا قيل : والذين يؤمنون بما أنزل من قبلك وما أنزل إليك فهو أنسب ليكون الأسبق في الوجود متقدما في اللفظ؟
قال : وعادتهم يجيبون عنه بأنا لا نؤمن إلا بما أنزل على النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه سبب في الإيمان بما أنزل لمن قبله لأن المكلف إذا آمن به يسمع القرآن المعجز والسنة المعجزة ويروي سائر المعجزات فيطلع من ذلك على أخبار الكتب السابقة وصحتها فيؤمن بها إيمانا حقيقيا أقوى من إيمانه بها مستندا لأخبار اليهود