قال ابن عرفة : السؤال غير واحد رد ؛ لأنه هذه أجاب في غير هذا الموضع ، في قوله تعالى : (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) [يوسف : ٣٢]. وفي قوله : (بَيْنَ ذلِكَ) [الإسراء : ١١٠]. لأن الإشارة بلفظ البعيد على سبيل التعظيم وهو معنى البيانيين ، قال : وغير عند باسم الإشارة دون ضمير تنبيها على أنه كالمحبوس المشار إليه فهو دليل على عظمته في النفوس.
قوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ).
إما خبر في معنى النهي وإما خبر على بابه ، والمراد إما معنى وقوع ذلك حقيقة ليكون عاما مخصوصا بمن ارتاب فيه ، أي المراد لا ينبغي فيه ريب أي ليس بأهل لأن يرتاب فيه أحد.
قال : ومن الناس من يقف على ريب وكان يتعقبه بأن فيه شبيهة تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه ، ومنهم من وقف على (لا رَيْبَ فِيهِ) وعادتهم يصوبونه بأنه يبتدئ (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) فيجعله خير مبتدأ مضمر أي هو هدى فيكون القرآن كله نفس الهدى فهو أبلغ ممن جعل الهداية فيه.
فإن قلت : لم أخر المجرور هنا وقدمه ، في قوله : (لا فِيها غَوْلٌ) ، و (عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ). [٦/١] والجواب أن المراد نفي الريب بالإطلاق فيتناول جميع الكتاب لكتب من التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، فليس نفي الريب خاص بالقرآن فقط بل هو عام في الجميع بخلاف ما لو قيل : لا ريب فيه لا وهم ، بخصوص النفي به ، وبخلاف : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) خاص بأبصارهم دون أبصار المؤمنين.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ).
قال : الغيب ما لم ينصب عليه دليل فمن الناس من أجاز النظر في علم النجوم وعلم الهيئة والكسوفات.
وقال أبو العز : المقترح في شرح عقيدته أجمعوا على أن النظر في علم الهيئة محرم.
قال ابن عرفة : إنما ذلك إذا نظر للحكم أما نظره ليعلم الكواكب والنجوم فجائز لكن الاشتغال بالعبادة وتعلم ما ينفعه أولى.
قوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).