قالوا : هذا إما من كلامهم أو من كلام الله تعالى خطابا لنبيه صلّى الله عليه وعلى آله وسلم فهو بعد انفصال تلك القضية فلا مناسبة له فيها.
قوله تعالى : (قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً).
دعوا بالأمر المعنوي وهو الصبر ، وبالحسي وليس المراد تثبيت الأقدام عدم الرجوع على الأعقاب ، وليس المراد الوقوف في موضع واحد ، وابتدءوا في الصبر ؛ لأنه سبب في تثبيت الأقدام.
قال الزمخشري : أي هب لنا ما نتثبت به من القوة والرعب ونحوه من الأسباب.
ابن عرفة : وهذا على مذهبه ، فإن العبد يستقله بفعله ، ونحن نقول : المراد تثبت أقدامنا حقيقة.
قوله تعالى : (عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ).
تنبيه على أن قتالهم إياهم ، إنما هو لوصف كفرهم لا لغرض دنيوي وهذا محذوف مقدر ، أي فقاتلهم فهزموهم ، ويحكي ابن عطية هنا ، والزمخشري : أن ليس كان له ستة أولاد أحدهم داود ، وكان صغير السن فمر في طريقه بثلاثة أحجار ، وقال له كل واحد منها : خذني كي تقتل جالوت فجعلها في مخلاته ، وطلب جالوت المبارزة ، فقال له طالوت : من يبرز ليقتله ، وأنا أزوجه بنتي وأحكمه في مالي من آدمي الناس بالمقلاع وألقاه بالحجارة وسمى الله وأداره ورماه فأصاب رأس جالوت فقتله وخر رأسه وجعلها في مخلاته.
ابن عرفة : المقلاع شبه الوضف ، الزمخشري : وزوجه طالوت ابنته ، وروى أنه كسره وأراد قتله ثم تاب.
قيل لابن عرفة : كيف يصح هذا ، وقد حكى الزمخشري عن بعضهم : أن طالوت نبي ، والنبي معصوم ، فقال الأكثرون : على أنه غير نبي وقد مات من هذا ومعلوم ما فيه.
ابن عرفة : وهذه الآية يرد بها على الكوفيين في قولهم أن الواو تفيد الترتيب ؛ لأن المفسرين نقلوا هنا أن الهزيمة إنما كانت بعد أن قتل داود جالوت ، فحينئذ انهزموا وتفرقوا.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ).