قال ابن العربي : في قوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) [سورة البقرة : ٢٨٢] ، وفي قوله : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ) منكم (مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) [سورة المجادلة : ٢] جميعا : على أن الأمة من نسائنا فليكن العبد من رجالنا فيجوز شهادته ، وكذلك يقال هنا : إن لفظ النساء يتناول الحرائر والإماء.
ابن عرفة : أو يجاب هنا بالقرينة ، وهو أن منصب العدالة شريف عظيم فلا يقبل فيه العبيد ، وكذلك القرينة هنا لأجل أن الإيلاء إنما هو لرفع الضرر عن الزوجة والمشقة ، فإذا روعي [٦٣ و] ذلك في الزوجة الحق لزم أن يراعى في الأمة المزوجة من باب أحرى لأجل ما اتصفت به من الزلة الموجبة لانتهاك الحجة فضررها أشد.
قوله تعالى : (تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ).
قالوا : هذه الإضافة على معنى في.
ابن عرفة : فهذا دليل على صحة القول بأنه بنفس انقضاء الأربعة أشهر فخرج مطلقة ، لأن التربص هو في الأربعة أشهر ، فإذا انقضت انقضى التربص إلا أن يقال : أن التربص عند يقتضي عند فراغه أما الطلاق أو إيقاعه مطلق ، وكان أولا إيقافا بغير طلاق ، أو يقال : أن هذا التقسيم في الآية يدل على أن الزوج مخير بين أن يبقى أو يطلق ، فدل على أنه لا يلزمه الطلاق بمعنى الأجل.
قوله تعالى : (أن اللهَ غَفُورٌ حليم).
قيل لابن عرفة : هذا دليل على أن الإيلاء غير جائز ، فقال المذهب : أنه جائز على تفعيل ، والصحيح جوازه مطلقا ؛ لأن النبي صلىاللهعليهوسلم آل من نسائه ، وقد ذكر ابن العربي قضيته لما ورد على الخطيب في قوله : أن النبي صلىاللهعليهوسلم آل وطلق وظاهر ، فقال له : قولك : آل وطلق صحيح ، وقولك : وظاهر غير صحيح كيف والله تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) [سورة المجادلة : ٢]؟ ابن عرفة : والجواب : أن تكون المغفرة والرحمة راجعان لسبب الإيلاء ؛ لأن الإيلاء لا يكون إلا من غضب وشرور وذلك غير جائز فحسن تعقيبه بالمغفرة.
قوله تعالى : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
ابن عرفة : جواب الشرط مقدر أي ارتفع حكم الإيلاء عنهم.