الأصل ، واختلفوا في الحائض إذا طهرت من الدم ، ولم تطهر بالماء ، فالمشهور أن وطئها حرام ، وحكى عياض في الأحكام ، عن ابن بكير كراهية وعليها ابتداء من غير كراهة ، قلت : وكذا حكى ابن العربي في الأحكام ، وحكى غيرهما ، عن ابن بكير : كراهة وطئها ، وقرأ أبو بكر ، وحمزة : حتى يطَّهرن بالتشديد ، واختلفوا في فهم الآية على القول المشهور ، فقال بعض البيانيين : فيها حذف للتقابل أي حتى يطهرن ويتطهرن ، فإذا طهرن وتطهرن (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ، وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) [سورة البقرة : ١٧١] وقول الشاعر :
وإني لتعروني لذكراك هزة |
|
كما انتفض العصفور بلله القطر |
أي : وإني لتعروني لذكراك سكر ثم يزول مني فأفيق وانتفض لها كما يعتري العصفور عند ما يبلله القطر ، فإنه يسكن ثم ينتفض ، وكذلك قال الآخر :
فإن كان سحرا فاعذريني على الهوا |
|
وإن كان ذا غيره ذلك العذر |
أي فاعذريني ذلك العذر ، وإن كان ذا غيره فاعذريني ، أيضا انظر ابن الصباغ في باب المعرب والمبني ، وقال ابن رشد في البيان والتحصيل : يطهرن بمعنى يتطهرن بدليل قراءة التشديد ، ولو كان الأول في الدم ، والثاني بالماء فجاز بالأول ما لم يجز بالثاني ، إذ لا يقال : لا تقم حتى يأتي زيد وإذا أتى عمرو فافعله ، وقال ابن عبد البر في الاستذكار : الحجة المشهور بأنهم جعلوها كالحائض في العدة وأرجوا لزوجها عليها الرجعة ما لم تغتسل بالماء ، فإن قيل : أن الله تعالى قال : (حَتَّى يَطْهُرْنَ) وحتى غاية لما بعدها بخلاف ما قبلها ، فأجاب : بأنه يقع التحريم بشيء ولا يزول بزواله حتى لعلة أخرى بخلقه ، كقوله تعالى : في المبتوتة : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) [سورة البقرة : ٢٣٠] وليس بنكاح الزوج تحل له حتى يطلقها الزوج وتعتد منه ، انتهى.
قلت : ونقل صاحبنا الفقيه أبو عبد الله أحمد بن علي ابن ميمون النجار ، عن بعضهم : أنه تعقب على ابن رشد بأن التطهير بالماء يستلزم الطهر من الدم فصار ... (١) [١٣/٦٤](أَنَّى شِئْتُمْ) ابن عرفة : هذا أمران ، قلنا : سبب نزولها هذا يكون أمر أراده عقيب في ما ذكره المفسرون ، عن أم سلمة : حتى أن قريشا كانوا
__________________
(١) طمس في المخطوطة.