وقال ابن عرفة : نقل الآمدي في شرح الجزولية عن السهيلي : أنك إذا قلت : صمت رمضان كان العمل في كله ، قال صلّى الله عليه وعلى آله وسلم : " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (١) " وإذا قلت : صمت في شهر رمضان ، كان العمل في بعضه بدليل هذه الآية ، فرده ابن عرفة : بأن الفعل في الآية لم يتعد إليه بنفسه بل بواسطة في ، لقوله : (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) وما كان يتم له الاستدلال إلا لو كان تعدى إليه الفعل بنفسه ، ونقل بعضهم عن شرح المقرب لابن عصفور أنك إذا قلت : صمت شهر رمضان أو شهرا فالعمل في كله ، وإن قلت : صمت شهر رمضان فهو محتمل لتخصيصه بالإضافة ولم يرضه ، ابن عطية : قال الضحاك : أنزل القرآن في فرضه وتعظيمه والحط عليه ، وقيل : الذي أنزل القرآن فيه أي عرفه ، ولا [١١/٥١] يبعد أن يراه الأمران ، فيكون أنزل القرآن فيه تعظيما له وتشريفا ، ولم يمدح القرآن بما يمدح به الشهر ، لأن فضله معلوم ، وقيل : (أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) جملة إلى سماء الدنيا.
ابن عرفة : فالقرآن على هذا اسم للكل ، وعلى القول الثاني : بأنه أنزل فيه بعضه يكون القرآن اسم جنس يصدق على القليل والكثير.
قوله تعالى : (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى).
ابن عطية : الألف واللام في الهدى للعهد ، والمراد به الأول.
ابن عرفة : إن كانت من لبيان الجنس ، فالألف واللام للعهد في الشخص ، وإن كانت للتبعيض فهي للعهد في جنس ، فيكون القرآن نوعا من أنواع جنس الهدى.
قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
__________________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه : ١٨٨٥ ، ومسلم بن الحجاج في صحيحه : ١٢٧١ ، وابن خزيمة في صحيحه : ١٧٩٢ ، وابن حبان في صحيحه : ٣٥١٤ ، وأبو داود السجستاني في سننه : ١١٦٧ ، والنسائي في السنن الكبرى : ٢٤٩٧ ، وابن ماجه في سننه : ١٦٣١ ، وابن الجارود النيسابوري في المنتقى من السنن المسندة : ٤٠٠ ، والبيهقي في السنن الصغير : ٦٤٦ ، والبيهقي في السنن الكبرى : ٧٨٩٠ ، والشافعي في السنن المأثورة رواية المزني : ١٥٦ ، وأحمد بن حنبل في مسنده : ٨٧٩٧ ، وأبو داود الطياليسي في مسنده : ٢٤٧١ ، والحميدي في مسنده : ٩٢٦ ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده : ٥٩٥٠ ، وأبو عوانة الإسفرائيني في مسنده : ٢١٥٣ ، والطبراني في مسنده : ٢٧٧٣ ، وابن أبي شيبة في مصنفه : ٨٥٩٤.