قوله تعالى : (وَالنَّبِيِّينَ).
أعم من الرسول ، وثبوت الأعم لا يستلزم ثبوت الأخص ، فما يلزم من الإيمان بالنبي الإيمان بالرسول ، فهلا قيل : والمرسلين؟ فالجواب أن ذلك باعتبار الوصف لأن وصف الرسول أعم من وصف الرسالة ، وترتب الحكم هنا عليهم من حيث ذواتهم لا من حيث أوصافهم وعرفوا بالألف واللام الدالة على العموم ليدخل في ضمنه الأخص بلا شك ، وهو كقوله : كل حيوان في الدار.
قيل لابن عرفة : أو يجاب بأن الإيمان باليوم الآخر والملائكة والكتاب يستلزم الإيمان بالرسول ، فقال : لا يحتاج إلى هذا ، والجواب ما قلناه ، إن قلت : لم جمع الكل وأفرد ابن السبيل؟ قلنا : لكثرتهم باعتبار الوجود الخارجي وقلة ابن السبيل ، وقرئ ليس بالنصب.
ابن عرفة : (أَنْ تُوَلُّوا) اسم ليس إما لكون أن وما بعدها أعرف المعارف ، أو لأن القولية معلومة والبر مجهول أي ليست التولية برا.
قوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا).
ابن عرفة إن قلت : هلا قيل معهودهم فهو أبلغ من الوفاء بالعهد؟ لأن الوفاء بالعهد الواحد لا يستلزم الوفاء بالمعهود بخلاف العكس ، فالجواب أنه يستلزمه من ناحية أن المكلف إذا عاهد هو وغيره ، ووفاء غيره بالمعهود رآه بأنه قد حصل الوفاء لهم على الإطلاق بخلاف ما إذا عاهد هو وحده ولم يعرف ، فإنه لم يقع في الوجود وفاء بالعهد فتعظم العقوبة والذم ، فإن قلت : ما فائدة قوله : (إِذا عاهَدُوا) وإذا سقط لكان الكلام مستقلا صحيحا ، فالجواب أنه أفاد سرعة الوفاء بالعهد يعقب العهد لهم بنفس أن يعاهدوا يتبادرون إلى الوفاء.
قوله تعالى : (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ).
هو الفقر ، والضر هو المرض ، (وَحِينَ الْبَأْسِ) أي حين القتال وهذا ترق ، لأن وقوع الفقر والحاجة من الناس أكثر من وقوع المرض ، ووقوع المرض فيهم أكثر من وقوع القتال ، والصبر على القتال أشد لغرابته وقلة وقوعه ، ودونه الصبر على المرض ودونه الصبر على الفقر ، ولهذا تجد الفقراء أكثر عددا من المرضى ، والمرضى أكثر عددا من الفرسان المقاتلين ، إن قلت : لم قال (فِي الْبَأْساءِ) فعداه بفي ، ولم يقل : وفي الضراء ، وكان يقال : والصابرين حين البأساء وحين الضراء ، فالجواب لما كان