من مواد النظر الصحيح ، ومسألة تخلف العلم مع النظر الصحيح ، والآية إنما تدل على الأول لا على الثاني.
قوله تعالى : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا).
ابن عرفة : لا ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه بشهواته وجمع المال فإنه عليه وبال كما ورد" الكيس من دان نفسه" ، وتبرئهم منهم قبل ويأتيهم العذاب أشد في الممانعة وعدم النصرة.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً).
ابن عرفة : تمنوا العودة للدنيا وأن يكونوا متبوعين ورؤساءهم تابعين لهم فتبرءوا منهم.
قيل لابن عرفة : كيف يتمنون الرجوع إلى الكفر؟ فقالوا : إنما تمنوا التبري فقط وهو مستلزم الكفر ، قلت : أو يريد أنهم تمنوا الرجوع للدنيا وبقاء رؤساءهم كفار فيتبرءون هم من دينهم واتباعهم ، كما تبرءوا منهم بنصرتهم في الآخرة.
ابن عرفة : ويحتمل أن تكون الكاف للتعليل.
قوله تعالى : (يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ).
فهي مثل ما نالهم من الحسرة فيرى متبوعهم منهم لينالهم الحسرة يريهم أعمالهم القبيحة وبالا عليهم ، وكذلك أعمالهم التي كانوا يظنونها صالحة هي وبالا عليهم لأنهم كفار.
ابن عرفة : الآية على قراءة مجاهد مشكلة فإنه قرأ (تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا) فتح التاء من الذين اتبعوا بضم التاء ، فيشكل قوله بعده : (وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما) فقال ابن عرفة : تبرأ التابعين من المتبوعين منهم منه تبري المتبوعين منهم ، فلذلك قال هنا : (كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا) [٣/١٠].
قوله تعالى : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ).
قال الزمخشري : الضمير لمطلق الربط لأن مذهبه خلود مرتكب الكبيرة في النار ، فلو جعله للحصر لكان مفهومه أن مرتكب الكبيرة يخرج من النار بالشفاعة؟ وأجاب بعض الناس بأنه يلزم أهل السنة ، كذلك ؛ لأن الآية في كفار قريش ، وهم جعلوا مع الله شريكا فلا يصح الحصر ؛ لأن غيرهم من الكفار مخلدين في النار ، وأجيب بأن