ابن عرفة : وعلى الانفصال ، فالمراد إلا الظالمين من المشركين ، كذا قال ابن عرفة في الختمة الآخرى ، أبو حيان : وعلى الانفصال تقديره لكن الذين ظلموا منهم فإنهم يتعلقون عليكم بالشبهة.
قوله تعالى : (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي).
ابن عرفة : كيف ينهى المكلف عن فعل أمر هو فيه بالطبع ؛ لأن الخوف من العدو أمر جبلي لا يستطيع الإنسان زواله ، ثم
أجاب بأن أوائل ذلك حاصل بالطبع والدوام عليه هو النهي عنه.
قوله تعالى : (وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
فإن قلت : هذا تكرار ؛ لأن الهداية من (جهلة النعم (١)) قلنا : المراد النعيم للدنيا من عند الله التي لا سبب فيها للمكلف ، فخلاف الهداية الضلال فإنه له فيه كسب وإرادة.
قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا).
ابن عطية : الكاف إما متعلقة بقول : (لِأُتِمَّ نِعْمَتِي) أو ب (وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أو (فَاذْكُرُونِي).
ابن عرفة : على الأول فهي للتشبيه فقط ، وعلى الآخر للتعليل فقط ، وعلى الثاني : يحتمل الأمرين أي يهتدون لما أرسلنا أي لأجل إرسالنا ، قلت : وعلى التعلق ب (فَاذْكُرُونِي) حملها أبو حيان على الوجهين : فانظره.
قوله تعالى : (مِنْكُمْ).
الدليل على أن الخاصية التي اختص بها الرسل حكمية ، وليست حكمية خلقته وفيه على حكمة إرساله منهم ، وهو تبرئته صلىاللهعليهوسلم عن أن يكون ساحرا أو مجنونا ، فيقال لهم : نرسل إليكم أحدا تجهلونه بل أرسلنا واحدا منكم نشأ بين أظهركم وعرفتم براءته من كل ما تنسبون إليه.
قوله تعالى : (وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ).
قال : كان بعضهم يقول : حيث تقدم التزكية بكون معظم المخاطبين عواما مقلدين ، ليسوا أهلا لتعلم الحكمة ، والكتاب ، لكون التزكية أهم ، وحيث تقدم التعليم
__________________
(١) جهلة النعم : وردت في الحاشية وقمنا بوضعها في مكانها.