فيكون المخاطبون خواصا ، فيكون الأهم التعليم مع أن كلا الأمرين مطلوب ، والكتاب هو الكلام المعجز ، والحكمة القول غير المعجز.
قوله تعالى : (وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ).
قيل : إنه تكرار ففصل في أولها ثم أجمل (ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) ليشمل الكتاب والحكمة ، ومنهم من قال : إن العلم قسمان : علم يكون للإنسان بحيث لو سخر فكره وفكر فيه لأدركه من تلقاء نفسه بعقله وفطرته ، وعلم ما لم يمكن الإنسان التوصل إليه من ذاته ولا يقبل أن يتعلمه وحده بعقله بوجه ، وهذا هو المراد بقوله : (وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) أي ما لم تكونوا قائلين لمعرفته بعقولكم.
قوله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ).
لما بين شريطة الذكر ، وهو التعلم أمرهم بالذكر.
قوله تعالى : (وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ).
قيل لابن عرفة : إنه دليل على أن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده ، إذ لو كان نهيا عن الضد لما كان لقوله : (وَلا تَكْفُرُونِ) فائدة ، فقال : الأمر بالشكر مطلق فيصدق بشكره يوما واحدا ، ثم يكف دائما ، فلما قال : (وَلا تَكْفُرُونِ) أفاد النهي عن الكفر ، وإنما قيل له : هل بين الشكر والكفر واسطة؟ فقال : أما في غير هذا فنعم ؛ لأن بينهما حالة الغفلة والذهول ، وأما هذا فلا ، لأن الأمر بالشكر وترك الكفر إنما أتى عقيب الأمر بالذكر ، قال : والكفر هنا كفر النعمة.
قوله تعالى : (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ).
الإيمان لمراد الصبر على المشاق كلها ، ومنها الصلاة (إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) أي وقع المصلين ، ولما كان الصبر مستلزما لتحصيل جميع العبادات ومنها الصلاة استغنى به عنها.
قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ).
إن قلت : هلا قيل لمن قتل في سبيل الله ، فأجيب : بلفظ الماضي قال : فأجيب بوجهين :
الأول : ابن عطية قال : سبب نزولها أن الناس قالوا فيمن قتل ببدر وأحد ، مات فلان وفلان ذكره الله أن يحط منزلة الشهادة إلى منزلة غيرهم ، فنزلت الآية وغزوة بدر