وقال ابن عطية : سبب نزول الآية أنهم سألوا النبي صلىاللهعليهوسلم عن أربعة أشياء منها أنهم سألوه عن من يحبه من الملائكة بالوحي ، فقال : جبريل ، فقالوا : ذلك عدو لنا لأنه ملك الحرب والشدائد.
ابن عرفة : هذا جهل ، ومجرد مكابرة ولقائل أن يقول أن السبب غير مطابق للآية لأنهم أخبروا أن جبريل عدوهم والآية اقتضت أنهم أعداء لجبريل ، وما يلزم من عداوة أحد الشخصين الآخران يكون الآخر عدوا له ، وأجيب بأن هذا خرج مخرج الوعيد لهم لأن جبريل عليه الصلاة والسّلام ذو قوة وسطوة ، فإذا خالفوه ودافعوه مع علمهم بقوته فقد عادوه ، ابن الظاهر : أن من موصولة لأن الشرطية لا تقتضي وجود مشروطها ، ولا إمكان وجوده والعداوة ثابتة موجودة كما تقدم فهي موصولة.
قال الزمخشري : فإن قلت : كيف أن يكون قوله : فإنه نزله على قلبك جزاء للشرط ، فأجاب بوجهين :
أحدهما : أنهم لو أنصفوا لشكروا جبريل على إنزاله كتابا ينفعهم ، ويصحح كتابهم.
الثاني : إن عاداه أحد فالسبب في عداوته أنه نزل عليك الكتاب مصدقا لكتابهم.
قال ابن عرفة : إنما احتاج إلى هذا السؤال لأنه فهم أن الارتباط بين الشرط والجزاء لا يكون إلا لزوميا ، وهو عند الأصوليين يكون لزوميا ، ويكون اتفاقيا لكنه في محل الاستدلال لا يصح أن يكون إلا لزوميا ، وفي الخبر يصح فيه الأمران ، كقولك : أن تكرم زيدا فقد أكرمه غيرك ، وإنه لا ارتباط بينهما إلا في الزمان أو في الذكر خاصة فهو اتفاقي ، قلت : ولما ذكرت في الختمة الأخرى هذين الجوابين ، قال : أو يقال : إن هذا ردا على من زعم أن جبريل غلط في الرسالة ، قلت : هي مسألة العينية في كتاب المرتدين والمحاربين في رسم تدبر ماله في سماع ابن القاسم ، قال : فيمن قال : إن جبريل أخطأ بالوحي ، وإنما كان النبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ابن رشد : هذا كفر صريح ، فإن أعلنه استتيب وإن أسره قتل بلا استتابة كالزنديق.
قوله تعالى : (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ).
قيل لابن عرفة : يؤخذ منه تسمية بعض القرآن قرآنا لأنه لم يكن حينئذ نزل جميعه بل بعضه ، فقال : يجاب إما بإيقاع الماضي موقع المستقبل ، أو بأن الضمير في نزله