وسلم يكره طول مجالستهم وكثرة نجواهم ، فلما أمرهم بالصدقة عند المناجاة انتهوا عند ذلك ، وقدرت الفقراء على كلام النبي صلىاللهعليهوسلم ومجالسته.
ولم يقدم احد من اهل الميسرة صدقة غير على بن ابى طالب رضى الله عنه ، قدم دينارا وكلم النبي صلى الله عليه وسلم عشر كلمات.
فلم يلبثوا الا يسيرا حتى انزل الله تعالى : ء أشفقتم يقول أشق عليكم؟
(أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) .. الآية.
ـ ١٤ ـ
آيات ينطبق عليها النسخ
ولم يعتبرها مقاتل منسوخة
قد اعتبر ما فى الآيات الناسخة لها تخفيفا وتيسيرا او رخصة بعد الهزيمة :
١ ـ كما فى نسخ الآية ٦٥ بالآية ٦٦ من سورة الأنفال حيث يقول سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ).
قال مقاتل : فجعل الرجل من المؤمنين يقاتل عشرا من المشركين ، ولم يكن «ذلك فرضا» فرضه الله لا بد منه ، ولكنه تحريض من الله ليقاتل الواحد عشرة ، فلم يطق المؤمنون ذلك ، فخفف الله عنهم بعد قتال بدر ، فانزل الآية : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٤٦) وفى كتاب النسخ فى القرآن الكريم يرى الدكتور مصطفى زيد : (ان آية الأنفال المذكورة منسوخة بالآية التي تليها) ونقل ذلك عن الشافعي والبخاري والطبري وشيوخ اهل التأويل وجمهور المفسرين من بعدهم (٤٧) ويقول الأستاذ الخضرى (٤٨) : (والظاهر هو ان تعريف النسخ ينطبق على هذه الآية ، لان الاولى كانت توجب عليهم الصبر لعشرة أمثالهم ، والثانية رفعت هذا الوجوب عنهم وأوجبت شيئا آخر ، وهو صبرهم لضعفهم).
والخلاف بين مقاتل وغيره أساسه ما يأتي :
هل لقاء المسلمين لعشرة أمثالهم كان فرضا او ندبا؟.
__________________
(٤٦) قارن بأصول التشريع الإسلامي ، على حسب الله : ٣٠٧ ط ٣ ، ورواية فى الآية شبيه براى مقاتل فيها.
(٤٧) النسخ فى القرآن الكريم : ٢ / ٨٢١ الفقرة ١٢٣١.
(٤٨) اصول الفقه : محمد الخضرى : ٢٨١.