المُبايَنَةِ القلبيَّة والبُغضِ الباطنيِّ ، وهو المَنْهيُّ عنه هنا ، فإنّه يُمكنُهُم الانتهاءُ عنه ولا يلحقُهُم به مكروهٌ ، وعلَّل ذلك بمجموع قوله : ( فإنِّي وُلِدْتُ على الفطرةِ ، وسَبَقْتُ إلى الإيمانِ والهِجرةِ ) ، يعني بالفطرة الخِلقَةَ القابلةَ لدين الحقِّ الذي أشار إليها النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : ( كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفِطرةِ ، حتَّى يكونَ أبَواهُ هما اللَّذانِ يُهَوِّدانِهِ ويُنَصِّرانِه ) (١) ، وأراد بسَبقِه إلى الإسلام والهجرةِ سَبقَهُ إلى طاعة الله ورسولِه ومهاجرته معه ، مُستقيماً في كلِّ ذلك على الفطرة الّتي لم تتغيَّر ، لا بسَبَبٍ من أبويهِ ولا من غيرهما.
وفيه : ( مَنْ رأى مُنكراً يُدعى إليه فأنْكَرَهُ بقلبِهِ ، فقد سَلِمَ وبَرِئَ ) (٢) أي سَلِمَ من عذاب الله وبَرِئَ من مشاركتِهِم فيه ؛ لما وَرَدَ : ( أنَّ الرَّاضيَ بفِعْلِ قَومٍ كالدَّاخِلِ معهُم فيه ) (٣) ، من حيثُ اشتراكِهِم في الرِّضا به.
وفيه : ( شِرارُكُمُ الباغُونَ للبُراءِ العَنَتَ ) (٤) هما مفعولانِ للباغينَ ، أي الطَّالبون للسَّالمين من عَيْبٍ أن يَعيبوهُم عنتاً وعِناداً ، وفي معناه : ( شِرارُكُم المبتغون للبُراءِ المَعايبَ ) (٥).
المصطلح
الاستِبراءُ : التَّربُّصُ لبَراءَةِ الرَّحمِ إذا تعلَّق بمِلْكِ اليمينِ ، فإن تعلَّق بالنِّكاحِ أو وَطْء الشُّبهةِ سُمِّيَ عِدَّةً.
قال الرّافعيّ : هو التَّربُّصُ الواجب بسَبَبِ مِلْكِ اليمينِ حُدوثاً أو زَوالاً ؛ خُصَّ بهذا الاسم لأنَّ هذا البياض مقدَّرٌ
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٢٦ / ٢٩٦.
(٢) نهج البلاغة ٣ : ٢٤٣ / ٢٧٣.
(٣) نهج البلاغة ٣ : ١٩١ / ١٥٤ ، وفيه : « الرّاضي بفعل قوم كالدّاخل فيه معهم ».
(٤) مسند أحمد ٦ : ٤٥٩ في موضع منه : « للبُرآء » ، وفي موضع آخر من ٦ : ٤٥٩ و ٤ : ٢٢٧ ، والنهاية ٣ : ٣٠٦ : « البُرآءَ ». باختصار.
(٥) الكافي ٣ : ٣٦٩ / ٣.