خروجي إلى أن انتهيتُ إلى هذا الموضعِ ، فكنّى عن التَّغطيةِ والإبهامِ بالوطءِ الذي هو أبلغُ في الإخفاءِ والسّترِ.
وقيلَ : بل أرادَ كنتُ أتعرّفُ خبرَهُ من النّاسِ ، فاستعارَ وصفَ الوَطْءِ ؛ لوقوعِ ذهنِهِ على ذكرِهِ وخبرِهِ عليهالسلام ممّن يَلقاهُ في طريقِهِ.
وقيلَ : أرادَ بذكْرِهِ ما ذَكَرَهُ ووَصَفَهُ لي من حالِ الطّريقِ.
وفيه : ( إنْ ثَبَتَتِ الوَطْأَةُ في هذِهِ المَزَلَّةِ فَذَاكَ ) (١) أي إنْ يَكُنْ لي ثباتٌ وبقاءٌ في هذِهِ الدنيا. كنّى عنها بالمزلّةِ ، لعدمِ البقاءِ فيها. وليسَ يُريدُ بثباتِ الوَطْأَةِ الاستقامةَ على الحقّ حتّى يُحتاجَ إلى الاعتذارِ بأنّهُ من بابِ التّعريضِ (٢) ، فإنّهُ من جملةِ كلامٍ قالَهُ بعدَ ضربِ ابنِ مُلْجَمٍ اللعينِ له ، وإِنّما أرادَ إنْ سَلِمْتُ فذاكَ الذي تَطلُبونَهُ ، يخاطبُ أهلَهُ وأولادَهُ ، ولا ينبغي أن يقالَ : فذاكَ ما أطلُبُهُ ؛ لأنّهُ لم يَكُنْ يَطلُبُ الدُّنيا بوجهٍ.
وفيه : ( وثَقُلَتْ في الأَرْضِ وَطْأَتُهُ ) (٣) كناية عن شدّةِ بأسِهِ ، وتمكّنِهِ في الأرضِ.
وفيه : ( كانَ عُمَرُ يَطَأُ عَلَى صِمَاخِ مَنْ يُوَلِّيهِ ) (٤) تمثيلٌ لقهرِهِ وجعلِهِ تحتَ حكمِهِ ، بحيثُ لا يَقطَعُ أمراً ولا يُنفِذُ حكماً دونَهُ. والصِّماخُ ، بالكسرِ : خرقُ الأُذنِ.
المصطلح
المُتَواطِئُ : هو الكلِّيُّ الذي يَكونُ حصولُ معناهُ وصِدقُهُ على أفرادِهِ الذّهنيّةِ والخارجيّةِ على السّويّةِ ، سُمِّيَ بذلكَ لأنّ أفرادَهُ مُتَواطِئَةٌ ، أي
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ : ٤٥ خ ١٤٥.
(٢) كما اعتذر بذلك الطريحيّ في مجمع البحرين ١ : ٤٤٣.
(٣) نهج البلاغة ١ : ١٩٥ خ ٩٧ ، ٢ : ٣٠ خ ١٣٤.
(٤) تاريخ ابن خلدون ٣ : ١٤٣ وفي تاريخ الطبريّ ٣ : ٣٧٧ : « إنّ عمر بن الخطّاب كان كلُّ من ولَّى فإِنّما يطأُ على صِماخِهِ » وهو من كلام الإمام عليّ عليهالسلام قاله لعثمان.