وأسفل ، والألم أشد.
(وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (٧٤) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (٧٥) وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (٧٦) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (٧٧))
قوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) إنّ الله سبحانه خلق روح نبيه لّما خلقها قبل كون الكون ، فأدارها في بسط ملك الأزل والأبد ، فعلم من رؤية الصفات علوم غيب الغيب ، وعرف علم المجهول الذي صدر من لطفيّات الأزل وقهريات الأزل ، وعلم في علم العلم أن طريق القهر واللطف منتها هما وصول عين الذات ، ولم ير الفراق في أصل القدم بينهما ، فلمّا عرف الطريقين الواضحين من القدم إلى القدم إلى أبد الأبد بنعت غير تغاير الصفة ، وعلم بعد أن كان في محل الرسالة حقيقة طريق الوصول إلى الحق بهما ، ولم ير الكفّار مستعدين لطريق اللطف ، ووصولهم إلى الحق به كاد بسر سره من علمه بعلم المجهول أن يدعوهم بتلك الطريقة إلى الحق ؛ لأن المسالك غير معتبرة ، إنّما الاعتبار بالوصول فلمّا علم الحق سبحانه أنه يكاد أن يفشي سر سره المكنون في غيب غيبه نهاه عن ذلك ؛ لئلا ينتهك ستر الربوبية ، ولا تضمحل أحكام العبودية بقوله سبحانه : (لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) أن كدت تميل إلى دعوتهم بطريق المجهول إلى الحق ، وذلك حركة سر سر نفس النفس التي غواص قاموس بحر القهريات ، ولا تخف ، وقل : يا عارف ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم كان في علم ما كان مع تلك النفس التي هي لباس قهر الربوبية ، ولا يجوز للعارف الصادق أن يكون خاليا عنها ؛ لأنه يسلك إلى الحق بسر القهر وسر اللطف ، ومن لم يسلك إليه بهذين الطريقين لم يكن كاملا في معرفته ، فالعتاب من جهة تحرك سلسلة تلك الأسرار ، وهو بجلاله محركها تعريفا وامتحانا ، التعريف حق العارف ، والمعرفة حق المعروف ، يعصمهم الله من هتك تلك الأسرار للأغيار.
قال الحسين : خلق الله الخلق على علم منه بهم ، وهو علم العلم ، وجعل النبي صلىاللهعليهوسلم أعظم الخلق خلقا ، وأقربهم زلفى ، فجعله الداعي إليه والمبين عنه به يصلون إلى الله ظاهرا وباطنا وعاجلا وآجلا ، فثبت الملك بالعلم ، وثبت العلم بالنبي ، وثبت النبي صلىاللهعليهوسلم به ، فقال : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) بنا.
وقال عمرو بن عثمان المكي : قال (لَقَدْ كِدْتَ) وهو الشيء بين الشيئين ، وهو الخروج من ذا إلى ذا ، ولم يخرج من ذا ، ولم يدخل في ذا ، وكان واقفا بأمر عظيم ، وشأن