وقال جعفر : بالمعرفة.
وقال بعضهم : معنى البر النفس ، ومعنى البحر القلب ، فمن حمله في النفس فقد أكرمه بنور التدبير ، ومن حمله في القلب فقد أكرمه بنور التأييد ، فمن لم يكن له نور التأييد وكان له نور التدبير يكون هلاكه عن قريب.
وقال الواسطي : البر ما أظهر من النعوت ، والبحر ما استتر من الحقائق.
وقال : في مشاهدة أبده قسمت الوقتين الفصل والوصل ، وهو البر والبحر.
وقال أبو عثمان : الرزق الطيب هو الحلال.
وقال : فضّلناهم بالمعرفة على جميع الخلائق.
وقال أبو حفص : بأن بصّرناهم عيوب أنفسهم.
وقال الجنيد : بإصابة الفراسة.
قال السياري : فضّلنا العلماء على الجهال بالعلم بالله وأحكامه.
(يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢) وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣))
قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) إمام كل عارف ، مقامه مع الله من حيث الأحوال والخطاب والقربة والوصال والمعارف والكواشف والعلوم والحكم ، فيدعو المحبين إلى منازل المحبة ، ويدعو المشتاقين إلى منازل الشوق ، ويدعو العاشقين إلى منازل العشق ، ويدعو العارفين إلى منازل المعرفة ، ويدعو الموحدين إلى منازل التوحيد ، وأيضا يدعو المريدين بأسماء مشايخهم ، ويدعوهم إلى منازلهم.
قال ابن عطاء : يوصل كل مريد إلى مراده وكل محبّ إلى محبوبه ، وكل مدّع إلى دعواه ، وكل متمن إلى ما كان يتمنى ، ثم هو سبحانه بيّن أن من لم يعرفه في الدنيا لا يعرفه في الاخرة ، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ.
قال الله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) : من سمع في الدنيا ذكره ولم يره بنعت ظهور الصفات في الايات لن يراه بوصف كشف الذات ، ومن عمي عن معرفة العبودية في الدنيا ، فهو في الاخرة أعمى عن معرفة الربوبية ، ومن عمي في الدنيا عن معرفة الأولياء فهو في الاخرة أعمى عن رؤية منازلهم عند