وَهُمْ كارِهُونَ (٤٨) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٤٩) إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠) قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢) قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣))
قوله تعالى : (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ) : وصف المنافقين بأن من غاية حسدهم ، وقلة معرفتهم باصطفائية أهل الولاية يطلبون أن تمنّعهم عن الله ، وعن طريقه ، فإذا رأوا ما كشف الله للأنبياء والأولياء يحمدون في ظلمات كفرهم وحسدهم.
قال السوسي : حملوك على طلب الدنيا والركون إليها ، حتى أظهر الحق سرّك من الركون إلى شيء سواه ، وظهر أمر الله.
قال : فتح لك من خزائن الأرض ، وعرّفها عليك ، وأبيت أن تسكن إليها ، وتقبل منها ، وهم كارهون ما أنت عليه من الإعراض ، عما أقبلوا عليه.
قوله تعالى : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا) ما كتب للأنبياء وللأولياء في الأزل إلا سعادة الولاية ، وشرف النبوة ، وحقيقة الوصلة ، ولطائف علوم المشاهدة ، وما كتب من البليّات لهم فتلك زيادة أحوالهم ؛ لأن الله تعالى جعل قلوبهم بنور رضاه ، فيقبلون كلا منه بسابق الرضا والاصطفائية ، فيزيد في حالهم شرف القربة من كل مكروه ومحبوب ، وهم في ذلك بنصره الله محفوظون ، وعليه بفضله متوكلون ، وعما يبدو منه بفضله عنه راضون ، لقوله : (هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
قال بعضهم : العارف بالله : من سكن إلى ما يبدو له في الوقت بعد الوقت من تصاريف القضاء ، ومجاري القدرة ، ولا يسخط وارد من ذلك.
(وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤) فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ