سلام على تلك المعاهد إنّها |
|
شريعة وردي أو مهب شمالي |
فقد صرت أرضى من سواكن أرضها |
|
بخلب برق أو بطيف خيال |
فديت لهذه القضية الحسنة الإلهية ، ما أحسن شمائلها ، وما أطيب لطائفها ، وما أنور روائها ، انظر كيف أخبر سبحانه من حسن أحوال العاشقين والمعشوقين ، قال : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) علم يوسف عليهالسلام مواساة ريح الصّبا ، وأودعه ريحه حتى أسرع البشير في إيصال الخبر إلى يعقوب عليهالسلام شوقا منه إلى وصال يعقوب عليهالسلام.
أذكر في هذا المعنى أبيات لطيفة :
نسيم الصبا بلّغ سلامي إليهم |
|
وأرفق بفضلك بالهبوب عليهم |
وقل لهم إني وإن كنت نازحا |
|
فروحي وقلبي حاضران لديهم |
نسيم الصّبا إن جئت أرض أحبّتي |
|
فخصّهم منّي بكلّ سلام |
وبلغهم أنّي رهين صبابة |
|
وأنّ غرامي فوق كلّ غرام |
ومعنى قوله : (لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) علم أن من لم يكن في بلاء المعشوق لم يستنشق ريح المعشوق ؛ فيريب المخبر بما كوشف له.
قال جعفر : يقال : إن ريح الصبا سأل الله ، فقال : خصني بأن أبشره بابنه ، فأذن الله له في ذلك فكان يعقوب عليهالسلام ساجدا فرفع رأسه ، وقال : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) فقال له أولاده : (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) أي : محبتك القديمة ، وكان الريح ممزوجة بالعناية والشفقة والرحمة والأخبار بزوال المحنة ، وكذلك المؤمن المتحقق يجد نسيم الإيمان في قلبه ، وروح المعرفة من العناية التي سبقت له من الله في سره.
قال الأستاذ : كان أمر يوسف عليهالسلام وحديثه على يعقوب عليهالسلام مشكلا ، فلما زالت المحنة تغيرت بكل وجه الحالة.
قيل : كان من يوسف عليهالسلام على يعقوب عليهالسلام أقل من مرحلة حيث ألقوه في الجب ؛ فاستتر عليه خبره ، وحاله ولما زال البلاء وجد ريحه ، وبينهما مسافة ثمانين فرسخا من مصر إلى كنعان.
ويقال : لا يعرف ريح الأحباب إلا الأحباب ، فأما على الأجانب فهذا حديث مشكل أن يكون الإنسان ريح.
وقال الأستاذ في قوله : (لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) تفرس فيهم أنهم يبسطون لسان الملامة ، فنبّههم على ترك الملامة ؛ فلم ينجح فيهم قوله ، فزادوا في الملامة بأن قرنوا كلا منهم بالقسم