عاشوا بالنظر إلى وجهه.
قال الواسطي في قوله : (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ) : من لم يفصل بين أول هذه الاية وآخرها التبست عليه آيات القرآن ، وأشكلت أوله للعلماء وآخره للجهال به.
ألا ترى إلى قوله : (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) فبرحمته استوجب اسم الإحسان ، وبرحمته عرف الهداية والبيان ، وبرحمته أشار إلى غوامض القرآن ، قال الله : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ).
وقال ابن عطاء : (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ) بفضلنا يهدي من يشاء إلى سبيل المعرفة.
وقال بعضهم : المحسن من يرى جميع ما يجري عليه من الإحسان منه من الحق عليه.
(وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (٦٠) قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ (٦١) وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٢) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٦٣))
قوله تعالى : (وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) نكرة الإخوة كانت في رؤية يوسف عليهالسلام من سبب اختفاء تجلي الحق عن عيونهم في وجه يوسف ؛ فلا يرونه ولا يرون ذلك النور والتجلي ، كما رأوه قبل الجناية ، فغطّى الله عيونهم بنكرة الجفاء عن رؤية تلك الأنوار ، فلما لم يروا ذلك جهلوه.
قال بعضهم : جهلوه لما تقدم من جفوتهم له ؛ فأحوجهم الله إليه.
وقال الأستاذ : يقال : لما جفوه صار جفاؤهم حجابا بينهم وبين معرفتهم إياه ، كذلك المعاصي بخطابه وزلته يقع غيره على وجه معرفته.
قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ) أي : يوسف عليهالسلام في قلب يعقوب عليهالسلام بعض التفاته إلى الوسائط ، وأراد أن يصل الشيخ إلى إفراد القدم عن الحدوث بشرط تجريد سره عن الحدثان في جمال الرحمن من شفقته على يعقوب عليهالسلام لتخرجه بالتلطف عن الكون حتى لا يبقى في ساحة الكبرياء خيار الحدوث ؛ فتلطف في سلب بنيامين عنه.
وذلك من علمه بغيرة الله سبحانه على يعقوب عليهالسلام حيث رفع محبوبه من بينه ؛ فخاف