عن أن يوهم أحدا لهم بالشهوة ، أي : ليس هذا من أن يوهم أحدا بالشهوة ؛
فإنه مقدّس من عالمنا ؛ لأنّ عليه كسوة الملائكة من سواطع النور والبرهان الإلهي.
عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مررت ليلة أسري بي إلى السماء ، فرأيت يوسف عليهالسلام ، فقلت : يا جبريل عليهالسلام من هذا؟ قال : هذا يوسف عليهالسلام ، قالوا : وكيف رأيته يا رسول الله؟ قال : كالقمر ليلة
البدر» .
وعن أبي فروة
قال : كان يوسف عليهالسلام إذا سار في أزقة مصر يرى تلألؤ وجهه على الجدران ، كما
يرى نور الشمس والماء على الجدران.
قال وهب :
بلغني أن تسعا من الأربعين متن في ذلك المجلس وجدا من يوسف عليهالسلام.
يا صاحب العقل
افهم ؛ إن صويحبات يوسف عليهالسلام لما رأين يوسف رأين كسوة الربوبية على محل العبودية ،
فوقعن من رؤيته فيما وقعت الملائكة من رؤية آدم حين سجدت له.
ولذلك قرئ في
بعض القراءات : «ما هذا إلا ملك كريم» ، وهاهنا مقام التباس العارفين ومشاهدة
المحبين ، ولا قدح فيه ؛ لأنهم مقدسون عن علة التشبه والحلول ، تعالى الله عن
المشابهة بالأرواح والأشباح.
وليس ما قال
حسين بن منصور في هذا المقام إشارة إلى التشبيه ؛ لأنه فني في التوحيد ، أنشد وقال
:
سبحان من أظهر
ناسوته سرسنا لاهوته الثاقب ، ثم بدا لخلقة ظاهرا في صورة الاكل والشارب ، ثم بدا
لخلقه من خلقه بأنوار برهان قدرته وسنا شواهد لطفه صبغه ، ويمكن أن زليخا كانت محل
التمكين ، وهنّ في محل التلوين ؛ لذلك استقامت في رؤيته ، ولم يحل أيضا مما رأين
من يوسف عليهالسلام من النور والعظمة ، لكن غلب عليها مقام مشاهدة الحسن
والجمال ، لبقائها في مكان الابتلاء ارتفعت عنهن في رؤية يوسف عليهالسلام الشهوة والبشرية ؛ لغلبة أنوار العظمة والهيبة ، فلا
جرم ما شعرن آلام قطع أيديهن ، ولو قرض نملة زليخا لشعرت بذلك ؛ لأنها في لطافة
العشق ؛ وما أطاقت من لطف حالها أن تحمل ألما غير ألم العشق ، وهذا كمال في أنس
المعشوق ، ولا يعلم ذلك إلا ذو عشق كامل.
قال بعضهم في
قوله : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ
مُتَّكَأً) : أجلستهن مجالس وطئه ليكون أبين لحركتهن في مشاهدة
يوسف عليهالسلام ، وأسقط للملامة والتغيير عنها ، ألم العشق ، وهذا كمال
في أنس المعشوق ، ولا يعلم ذلك إلا ذو عشق كامل.
وقال بعضهم في
قوله : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ
أَكْبَرْنَهُ) : شاهدن حسنا خاليا عن مواضع
__________________