من أولياء الله.
قال الجنيد : إذا أراد الله بالمريد خيرا ، هداه إلى صحبة الصوفية ، ووقاه من صحبة القراء ، ولو اشتغلوا بشأنهم وجمع دنياهم ، ولم يتعرضوا لأولياء الله ، ولم يقصدوا إسقاط جاههم يكفيهم شقاوتهم ، لا سيما ويطعنون الصدّيقين والعارفين ، قال الله تعالى في شأنهم : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) : كيف يطفئون نيّرات حسناتهم ، وأنوار شموس الصفات ، التي تبرز من جباه وجوههم ، ولاليء خدودهم ، وأصلها ثابت في أفلاك الوحدانية ، وسماوات القيّوميّة ، ويزيد نورهم على نور ؛ لأنه تعالى بلا نهاية ، ولا منتهى لصفاته.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) : إنّ الله سبحانه سنّ سنّة أزليّة ، ألّا يجد أحد سبيله إلّا يفيض له أستاذا عارفا بالله وبعبوديته وربوبيته ، فيدلّه إلى منهاج عبوديته ، ومعارج روحه وقلبه إلى مشاهدة ربوبيته ، ويكون هو واسطة بينه وبين الله ، وإن كان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ، بغير علّة ، ولا سبب جعله واسطة للتأديب ، لا للتقريب ، وصيره شفيعا للجنايات ، لا شريكا في البدايات ، هداه نور القرآن ، ودينه حقيقة البيان مع إظهار البرهان.
قيل : جعل الله الوسائط طريقا لعباده إليه ، وبعثهم أعلاما على الطرق ، ونورا يهتدون به ، وعمّر بهم سبيل الحقّ ، وحقيقة الدين ، قال الله تعالى : (أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ).
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) : وبّخ الله البخلاء بقلّة الإنفاق ، وخروجهم عن سبيل الوفاق ، ولا يكون ذلك إلّا من مواريث النفاق ، وتأثير الفراق.
قال بعضهم : من بخل بالقليل من ملكه ، فقد سدّ على نفسه باب نجاته ، وفتح على نفسه طريق هلاكه.
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا