وعد ووعيد ، وبشارة وحكم.
وقيل : السكينة المقام مع الله بفناء الحظوظ.
قال الأستاذ : السكينة استحكام القلب عند جريان حكم الرب بنعت الطمأنينة ، وبخمود آثار البشريّة بالكلّية ، والرضا بالبادي من الغيب من غير معارضة واختيار.
ويقال : السكينة الفرار على بساط الشهود بشواهد التأديب ، بإقامة صفات العبودية من غير لحوق مشقّة ، ولا تحرك عرق بمعارضة حكم ، وذكر تمام نعمه بإنزال الملائكة عليهم بقوله : (وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها).
وفي لطيف الإشارة «الجنود» : روادف آثار قوّة تجلّي الحقّ بغير الاحتجاب ، ونعت الانقطاع.
قال الأستاذ : الجنود ههنا وفود اليقين ، وزوائد الاستبصار ، ثم إن الله سبحانه وصف من كان مجبولا في الأزل بسمة السعادة ، وبقي في حجاب النكرة ، يخرجه بأنوار سوابق حكمه من ظلمات قهره ، بقوله تعالى : (ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ) : كشف لهم ما غاب عنهم من أنوار معدن الغيب ، وهداهم بها إلى محلّ شهود الحضرة ، ومنّ عليهم بكشف المشاهدة ، وأوصلهم إليه بالرحمة ، وسترهم بوصله عن غير الفرقة ، وذلك قوله : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : ما أكرم مولانا تعالى سبقت رحمته ومغفرته لعباده في الأزل ، مع علمه بما يبدو منهم من العصيان ، ولم يكن عليهم غضبا ، ولم يسلب منهم غفرانا ، سبحانه ما ألطفه سبحانه.
قال الأستاذ : ردّهم من الجهل إلى حقائق العلم ، ثم نقلهم من تلك المنازل إلى مشاهد اليقين.
ثم إن الله أعلمنا بفضله أن من لم يكن خاطره مطهرا بمياه التوحيد من بحر التفريد من أدناس الوساوس ، ورياء الناس لا يصلح لمقام القرب والاستئناس ، بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) : بيّن أن من بقي في قلبه في عبودية خالقه نظر إلى غيره ، أو إلى نفسه لا يجوز أن يدنو من مجالس أوليائه ، فإنّ صحبته تشوّش خواطرهم ، وتنجّس بنفسه أنفاسهم ، وحذّر العارفين أيضا من صحبة المخالفين ؛ لأنهم غرائس الله ، ولا يجوز أن ينظر إليهم.
قال الجنيد : الصوفية أهل بيت لا يدخل فيهم غيرهم ، والإشارة فيه أيضا أن من عكس فيه آثار قهر القدم ، أوقعه في بحر رؤية النفس ، وتلك الرؤية نجاسة بقيت في قلبه ، ولا يقرب بها من مواقف القدسية من عالم الملكوت والجبروت.
قال أبو صالح حمدون : المشرك في عمله ، من يحسّن ظاهره لملاقاة الناس ، ومجاورتهم