وكذلك قال الكيساني : [إن](١) الإخلاد في كلامهم : السكون إلى الشيء والركون إليه.
وقال أبو عبيدة : هو اللزوم للشيء.
وفي قوله : (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ) دلالة أن الإزاغة من الله وترك العصمة له ؛ لما يكون من العبد الميل والركون إلى مخالفته ، وترك الائتمار له ، واتباع الهوى.
قال قتادة (٢) : قوله : (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها) يقول : لو شئنا لرفعناه من إيتائه الهدى ، فلم يكن للشيطان عليه سبيل ، ولكن يبتلى [من عباده من يشاء](٣).
وقوله : (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) ذكر الأرض يحتمل أن يكون كناية عن الدنيا ؛ كقوله : (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) [الأنعام : ٧٠].
ويحتمل أن يكون كناية عن الذل والهوان ؛ لأن كل خير وبركة إنما يطلب من السماء ، وهم إذا اختاروا ذلك اختاروا الذل والهوان.
وقال الحسن في قوله : (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) الآية ، قال : حال الشيطان بينه وبين أن يصحب الهدى بما مناه وزين له واتبع هواه ، (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) قال (٤) : هذا مثل الكافر ، أميت فؤاده (٥) كما أميت فؤاد الكلب.
[وقوله : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي : ساء مثل الأفعال التي ضرب الله مثلها بالذي ذكر في القرآن ، قال](٦) : (ساءَ مَثَلاً) ، صدق الله وبئس المثل (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ، فتدبروا وتفكروا في أمثال الله التي ضرب واعقلوها ؛ إلى هذا ذهب الحسن.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٦٧) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن قتادة.
ولم أجده في ابن جرير.
(٣) في ب : من يشاء من عباده.
(٤) أخرجه ابن جرير (٦ / ١٢٨) (١٥٤٥١).
(٥) قيل : هو القلب الذي يراد به العقل لا العضو المعروف ، وقال بعضهم : الفؤاد كالقلب ، لكن يقال له : فؤاد ، إذا اعتبر فيه معنى التفاؤد ، أي : التوقد ، يقال : فأدت اللحم : إذا شويته ، ولحم فئيد ، بمعنى مفئود. وقوله تعالى : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) [النجم : ١١] أي : واطأ قلبه بصره.
ينظر : عمدة الحفاظ (٣ / ٢٢٩) ، والمفردات (٣٨٦).
(٦) سقط في ب.