عن أمر الله ، ووضع الشيء ـ أيضا ـ في غير موضعه. أكرم الله ـ عزوجل ـ هذه الأمة كرامات من الطاعة لرسولها ، والخضوع له ، والتعظيم له ، حتى لم يخطر ببال أحد الخلاف له بعد ما اتبعه وآمن به ، وأكرمهم (١) ـ أيضا ـ من الفهم والحكمة والفقه ، حتى ذكر : كأنهم من الفقه أنبياء ، وقوم موسى وغيرهم (٢) من الأمم لم يكونوا مثل ذلك ؛ ألا ترى أن قوم موسى قد خالفوه في أشياء أمرهم موسى بها.
قوله تعالى : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣) وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٥) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ)(١٦٦)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) قال بعض أهل التأويل (٣) : القرية التي كانت حاضرة البحر هي أيلة (٤).
وقال آخرون (٥) : أريحا (٦).
__________________
(١) في ب : وما أكرمهم.
(٢) في ب وغيره.
(٣) أخرجه ابن جرير (٦ / ٩١) (١٥٢٦٣ ، ١٥٢٦٥ ، ١٥٢٦٦ ، ١٥٢٦٧) عن ابن عباس ، (١٥٢٦٤) عن عبد الله بن كثير ، (١٥٢٦٨) عن السدى ، وذكره السيوطى في الدر (٣ / ٢٥١) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبى الشيخ عن ابن عباس.
(٤) أيلة ـ بالفتح ـ : مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام ، قيل : هي آخر الحجاز وأول الشام. وهى مدينة اليهود الذين اعتدوا في السبت ، وإليها يجتاز حجاج مصر. وأيلة : موضع برضوى ، وهو جبل ينبع بين مكة والمدينة.
وأما إيلياء ـ بكسر أوله ، واللام ، وياء وألف ممدودة ـ : فاسم مدينة بيت المقدس ، عبري ، قيل : معناه : بيت الله.
ينظر : مراصد الاطلاع (١ / ١٣٨).
(٥) ذكره أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٤٠٧).
(٦) أريحا : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، والحاء مهملة ، والقصر ، وقد رواه بعضهم بالخاء المعجمة ، لغة عبرانية : مدينة الجبارين في الغور. ومده بعضهم فقال : هي أريحاء ، سميت بأريحاء بن لملك ابن أرفخشذ بن سام بن نوح ، قال صخر الغيّ ، وذكر سيفا :
فليت عنه سيوف أريح حت |
|
تى با بكفي ولم أكد أجد |
أراد : باء ، فقصر للضرورة ، وروى السكري : (إذ با بكفي) وربما قالوا : أريحاء ، فإذا نسبوا قالوا : أريحيّ ، لا غير.
ينظر : مراصد الاطلاع (١ / ٦٣) ، معجم ما استعجم (١ / ١٤٣).