وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ).
قيل : أمة يدعون إلى سبيل الحق.
(وَبِهِ يَعْدِلُونَ).
أي : به يعملون [وهو كقوله : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النحل : ١٢٥]. فعلى ذلك يحمل الأول على الإضمار والدعاء إلى سبيل الحق ، فقال الحسن : (يَهْدُونَ بِالْحَقِ) أي : يعملون](١) بالحق وبه يعدلون فيما بينهم ؛ لكن الأول أقرب ، والله أعلم.
ثم قوله : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ) جائز أن تكون الأمة التي أكرم من قوم موسى كانت (٢) في زمنهم يدعون الناس إلى الإيمان برسول الله.
أو أن تكون الأمة من قومه في زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقية من قوم موسى ، مؤمنين به يدعون الناس إليه وبه يعملون.
وقوله : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً).
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : هو ما ذكره : (وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً) [الأعراف : ١٦٨] أي : جماعة.
وقيل : (وَقَطَّعْناهُمُ) ، أي : جعلناهم (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً) فرقا.
وقال غيرهم : قوله : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) أي : جاوزنا بهم البحر ، وجعلنا لهم (٣) اثنتي عشرة أسباطا.
قال أبو عوسجة : الأسباط : الأفخاذ (٤) ، والسبط واحد.
وقال القتبي : الأسباط : القبائل (٥) ، واحدها : سبط.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : كانا.
(٣) في أ : وجعلناهم.
(٤) جمع «فخذ» ، وهى ما انقسم فيه أنساب البطن كبني هاشم وبني أمية. ينظر : سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب (١٣).
(٥) القبيلة : هي ما انقسم فيه الشعب كربيعة ومضر. قال الماوردي : وسميت قبيلة لتقابل الأنساب فيها ، وتجمع القبيلة على : قبائل ، وربما سميت القبائل : جماجم أيضا ، كما يقتضيه كلام الجوهري حيث قال : جماجم العرب : هي القبائل التى تجمع البطون.
وأسماء القبائل في اصطلاح العرب على خمسة أضرب :
أولها : أن يطلق على القبيلة لفظ الأب كعاد وثمود ومدين وما شاكلهم ، وبذلك ورد القرآن الكريم كقوله تعالى : (وَإِلى عادٍ)[الأعراف : ٦٥] ، (وَإِلى ثَمُودَ)[هود : ٦١] ، (وَإِلى مَدْيَنَ)[هود : ٨٤] ، يريد : بني عاد ، وبني ثمود ، وبني مدين ، ونحو ذلك ، وأكثر ما يكون ذلك في ـ