وجائز أن يكون قوله : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ) أي : آمن رسول الله بالله وكلماته التي كانت في الكتب الماضية ، فأخبر بها على ما في كتبهم ؛ ليعرفوا أنه إنما عرفها بالله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَلِمَتُهُ) اختلف فيه ؛ قال عامة أهل التأويل (١) : كلماته : القرآن.
وذكر في بعض القراءات (٢) : «وكلمته» بلا ألف ، فصرف التأويل إلى عيسى ؛ كأنه قال : آمنوا بالله وبمحمد وبعيسى.
ويحتمل أن يكون قوله : (وَكَلِمَتُهُ) ما أعطاه من الحلال ، والحرام ، والأمر ، والنهي ، والحكمة ، والأحكام التي أمر بها وشرعها لنا ، على ما ذكر في إبراهيم أنه ابتلاه بكلمات فأتمهن ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
قد ذكرنا الاتباع له ، فإذا اتبعوه اهتدوا.
قوله تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٥٩) وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١٦٠) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (١٦١) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ)(١٦٢)
__________________
(١) انظر : تفسير الخازن والبغوى (٢ / ٥٩٧).
(٢) وقرأ مجاهد وعيسى وَكَلِمَتُهُ بالتوحيد ، والمراد بها الجنس كقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد» ويسمون القصيدة كلها : كلمة.
قال الزمخشري : فإن قلت : هلا قيل : فآمنوا بالله وبي ، بعد قوله : (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً)؟ [الأعراف : ١٥٨].
قلت : عدل عن الضمير إلى الاسم الظاهر ؛ لتجري عليه الصفات التى أجريت عليه ، ولما في طريقة الالتفات من البلاغة ، وليعلم أن الذى يجب الإيمان به واتباعه ، هو هذا الشخص المستقل بأنه النبي الأمي الذى يؤمن بالله وكلماته ، كائنا من كان ، أنا أو غيري إظهارا للنصفة ، وتفاديا من العصبية لنفسه.
ينظر : اللباب (٩ / ٣٤٧) ، والمحرر الوجيز (٢ / ٤٦٥) ، والبحر المحيط (٤ / ٤٠٤) ، وتفسير الكشاف (٢ / ١٦٧).