وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ).
قيل (١) : ما غلظوا على أنفسهم من الشدائد.
وقيل (٢) : إصرهم : شدة من العبادة والعمل.
وقيل (٣) : إصرهم : عهدهم.
وقيل (٤) : إصرهم : [أي](٥) الثقل الذي كان بنو إسرائيل ألزموه.
وقال القتبي : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) أي : ذنبهم الذي كانوا يذنبون ، أي : عقوبة الذنب الذي أذنبوا في الدنيا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ).
قال الحسن : إن اليهود قالوا : يد الله مغلولة ، أي : محبوسة عن عقوبتنا ، فقال ـ عزوجل ـ : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا) [المائدة : ٦٤] أي : غلت أيديهم إلى أعناقهم في النار ، فأخبر أن أمة محمد صلىاللهعليهوسلم لما آمنوا به وصدقوه ، رفعت تلك الأغلال التي كانت عليهم (٦) عن هذه الأمة بطاعتهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقيل (٧) : الأغلال التي كانت عليهم : [الشدائد التي كانت عليهم](٨) من نحو ما لا يجوز (٩) لهم العفو (١٠) عن الدم العمد ، ولا أخذ الدية ، وما لا يجوز غسل
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ٨٦) (١٥٢٥١) عن مجاهد ، (١٥٢٤٩) عن سعيد بن جبير بنحوه.
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٤٨) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير.
(٢) أخرجه ابن جرير (٦ / ٨٦) (١٥٢٥٠) عن سعيد بن جبير ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٤٨) وعزاه لابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير.
(٣) أخرجه ابن جرير (٦ / ٨٥) عن كل من : ابن عباس (١٥٢٤١) ، الضحاك (١٥٢٤٢ ، ١٥٢٤٣) ، الحسن (١٥٢٤٤) ، مجاهد (١٥٢٤٥) ، السدي (١٥٢٤٦).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٤٨) وعزاه لابن جرير عن مجاهد.
(٤) انظر : تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٥٩٦).
(٥) سقط في أ.
(٦) في ب : التي عليهم.
(٧) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٢٠٦) وأبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٤٠٣).
(٨) سقط في أ.
(٩) في ب : ما يجوز.
(١٠) اتفق العلماء على جواز العفو عن القصاص وأنه أفضل ، والأصل في ذلك الكتاب والسنة.
أما الكتاب فقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى)[البقرة : ١٧٨] ثم قوله : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ)[البقرة : ١٧٨] ، وقوله سبحانه : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ...) الآية إلى قوله : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ)[المائدة : ٤٥] وقد قيل في تفسير ذلك : إن التصدق من العافي بالعفو كفارة له بصدقته ، وفي الآيتين ما يرشد إلى أفضلية العفو. ـ