إن كان [لذلك](١) سموا فهو ـ والله أعلم ـ (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا) [آل عمران : ٦٧] أي : لم يكن على المذهب الذي عليه اليهود ، وكذلك لم يكن على المذهب الذي ادعت النصارى أنه كان عليه ، ولكن كان حنيفا مسلما.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ).
قال الحسن : يشاء أن يصيب عذابه من كفر بالله وكذب رسله ، وشاء من أطاع الله وصدق رسله أن يصيب رحمته.
ودل قوله : (عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ) أنه لما شاء أن يصيبهم عذابه شاء العمل والفعل الذي كان به يصيبهم ؛ لأن حرف «من» إنما يعبر به عن بني آدم ، و [ليس](٢) جائز أن يشاء لهم الإيمان ثم يشاء لهم [أن يصيبهم](٣) عذابه ، ولكن إذا علم منهم أنهم لا يؤمنون ويختارون فعل الضلال على فعل الهداية (٤) ، شاء لهم ما اختاروا.
وقوله : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ).
ما من أحد من مسلم وكافر إلا وعليه من آثار رحمته في هذه الدنيا ، بها يتعيشون ويؤاخون ويوادون ، وفيها يتقلبون ، لكنها للمؤمنين خاصّة في الآخرة ، لا حظ للكافر فيها ، وذلك قوله : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) : معصية الله والخلاف له ، (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ، و [هو](٥) كقوله : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الأعراف : ٣٢] جعل طيبات الدنيا نعمها (٦) مشتركة بين المسلم والكافر ، خالصة للذين آمنوا يوم القيامة ، لا حظ للكافر فيها ؛ فعلى ذلك رحمته نالت كل أحد في هذه الدنيا ، لكنها للذين آمنوا واتقوا الشرك خاصة في الآخرة.
ويحتمل قوله ـ والله أعلم ـ : (وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ) أنهم إنما سألوا الرحمة ، فقال : سأكتبها للذين يتقون معاصي الله ومخالفته ، والله أعلم.
وقوله : (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) يحتمل : يؤتون الزكاة المعروفة.
ويحتمل : تزكية النفس ؛ كقوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) [الشمس : ٩ ـ
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : لا.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : الهدى.
(٥) سقط في ب.
(٦) في أ : نعيمها.