وأنت خير الراحمين ؛ لأن كل أحد دونه إنما يرحم ويغفر برحمته.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ).
تحتمل الكتابة الإيجاب ، أي : أوجب لنا في هذه الدنيا حسنة [وفي الآخرة أو الإثبات ، أي : أثبت لنا وأعطنا في هذه الدنيا حسنة ويكون كقوله : آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة](١).
وقال بعضهم (٢) : قوله : (وَاكْتُبْ لَنا) ، أي : وفق لنا العمل الذي نستوجب به الحسنة في الدنيا والآخرة.
ويحتمل : اكتب لنا في الدنيا الحسنات ، ولا تكتب علينا السيئات ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً) تختم بها الدنيا وتنقضي بها ، وإلا ما من مسلم إلا وله في [هذه](٣) الدنيا حسنة أتاه إياها ، وعلى ذلك يخرج قوله : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) [البقرة : ٢٠١] [أنهم](٤) إنما سألوا حسنة لأن يختموا عليها ، ويكون قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ) [الأنعام : ١٦٠] كذا ، والله أعلم بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ).
قال بعضهم (٥) : قوله (٦) : (هُدْنا إِلَيْكَ) ، أي : ملنا إليك.
وقال غيرهم (٧) : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) ، أي : تبنا إليك.
وقيل (٨) : لذلك سمت اليهود أنفسهم يهودا ، أي : تائبين إلى الله ، لكن لو كان كما ذكر ، كان قوله : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا) [آل عمران : ٦٧] أي : تائبا ، وذلك بعيد ، ولكن
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) انظر : تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٥٩٣).
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : أهل التأويل.
(٦) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٤٠) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن أبي وجزة السعدي ، وذكره أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٤٠٠).
(٧) أخرجه ابن جرير (٦ / ٧٨ ـ ٧٩ ـ ٨٠) (١٥١٨٧ ، ١٥١٨٩ ، ١٥١٩٠ ، ١٥١٩١ ، ١٥١٩٢) عن ابن عباس ، (١٥١٨٨ ، ١٥١٩٣ ، ١٥١٩٤ ، ١٥١٩٥ ، ١٥٢٠٩ ، ١٥٢١٢) عن سعيد بن جبير ، (١٥١٩٦ ، ١٥١٩٧ ، ١٥١٩٨) عن إبراهيم التيمي ، (١٥١٩٩ ، ١٥٢٠٠) عن قتادة ، (١٥٢٠١) عن السدي ، (١٥٢٠٢ ، ١٥٢٠٣ ، ١٥٢٠٨) عن مجاهد ، (١٥٢٠٥ ، ١٥٢٠٦ ، ١٥٢٠٧) عن الضحاك ، (١٥٢٠٤) عن أبي العالية ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٤٠) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس ، ولابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير.
(٨) انظر : تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٥٩٣).