(لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ) إهلاك فتنة وإياي.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا).
هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : يقول (١) ـ والله أعلم ـ : لك أن تهلكنا ابتداء إهلاك السفهاء (٢) بما فعلوا.
والثاني : يقول (٣) : لو شئت أهلكتهم وإياي من قبل ، ولم (٤) تهلكنا يومنا ؛ لأن موسى [إذا] أتى قومه وأخبرهم أنهم أهلكوا بسبب كذا لم يصدقه (٥) قومه بذلك ، ولكنهم يتهمونه ، ويقولون : أنت قتلتهم على ما ذكر في بعض القصة (٦) أنه خرج بهارون إلى بعض الجبال (٧) فمات هارون هناك ، فأخبر قومه بذلك فكذبوه ، وقالوا : أنت قتلته ؛ فعلى ذلك جائز أن يكون هاهنا خاف أن يتهمه قومه في أولئك ولا يصدقوه فيما حل بهم. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا).
يحتمل هذا وجوها :
يحتمل : يراد به التقرير.
ويحتمل الإنكار والرد.
ويحتمل الإيجاب.
أما الإنكار : فيكون معناه : أتهلكنا بما فعل السفهاء [منا](٨) ، أي : لا تفعل ولا تهلكنا بما فعل السفهاء منا ، ومثل هذا قد يقال : يقول الرجل لآخر : أتفعل أنت كذا؟ على الإنكار (٩) ، أي : لا تفعل ؛ فعلى ذلك هذا. والله أعلم.
ويراد به : الإيجاب ؛ كأنه قال : لك [أن](١٠) تهلكنا بما فعل السفهاء منا ، وما هي إلا
__________________
(١) في ب : نقول.
(٢) في ب : والسفهاء.
(٣) في ب : نقول.
(٤) في أ : ما.
(٥) في أ : يصدقوا.
(٦) أخرجه ابن جرير (٦ / ٧٤) (١٥١٦٧) ، (١٥١٦٨) وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتابه «من عاش بعد الموت» وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب كما في الدر المنثور (٣ / ٢٣٧).
(٧) في أ : الجبل.
(٨) سقط في أ.
(٩) في ب : كذا الإنكار.
(١٠) سقط في أ.