الذي وعد ، ولكن لا ندري ما ذلك الميقات الذي ذكر؟
وقوله : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) قال بعضهم (١) : السبعون (٢) الذين اختارهم موسى ليكونوا مع هارون ، فعبد (٣) العجل في أفنيتهم ، فلم ينكروا ولم يغيروا عليهم ، فأخذتهم الرجفة.
وقال الحسن : إنهم جميعا قد عبدوا العجل إلا هارون ، فالرجفة (٤) التي أخذتهم إنما أخذتهم عقوبة لما عبدوا العجل ، ولسنا ندري من أولئك السبعون (٥) الذين اختارهم موسى؟ وأمكن أن يكون موسى اختار السبعين ليخرجوا معه ؛ فيكونوا شهداء له على إنزال التوراة عليه وكلام ربه.
وقيل : هم الذين تركهم في أصل الجبل ، فلما (٦) جاءهم موسى بالتوراة قالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) [البقرة : ٥٥] وهلكوا لقولهم ذلك ، وقد ذكرنا أنا لا ندري من كانوا؟
وقيل (٧) : اختارهم موسى ليتوبوا إلى الله مما عمل قومهم.
وقوله : (فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ).
قال بعض أهل التأويل (٨) : لو شئت أمتهم وإياي (٩) بقتل القبطي.
وقال آخرون : لو شئت أهلكتهم على نفس الإهلاك وإياي على القدرة ، أي : تقدر على إهلاكي ، ولكن لا تهلكنا (١٠) لما لم يكن ما نستحقه ذلك ، ويشبه أن يكون قوله :
__________________
(١) أخرجه عبد بن حميد عن مجاهد بنحوه كما في الدر المنثور للسيوطي (٣ / ٢٣٧) وعزاه أيضا لابن جرير وعبد بن حميد وابن أبي عمر العدني في مسنده وأبي الشيخ عن ابن عباس.
(٢) في ب : السبعين.
(٣) في أ : فعبدوا.
(٤) وأصل الرجف : الحركة والاضطراب الشديد. رجفت الأرض والبحر رجفا ، وبحر رجاف.
والإرجاف : إيقاع الرجفة. وقوله : (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ)[الأحزاب : ٦٠] هم المنافقون كانوا يتخرصون أشياء ليرجفوا المؤمنين. وقوله : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ)[الأعراف : ٧٨] قيل : الصيحة ؛ لأنها تزلزل قلوبهم. وفي آية أخرى : (الصَّيْحَةُ)[هود : ٦٧]. والأراجيف : جمع أرجوفة تقديرا ، وقيل : هو جمع الجمع ، رجفة وأرجاف وأراجيف.
ينظر : عمدة الحفاظ (٢ / ٨١).
(٥) في ب : السبعين.
(٦) في أ : فإنما.
(٧) أخرجه ابن جرير (٦ / ٧٣ ـ ٧٤) (١٥١٦٢) عن السدي (١٥١٦٣) عن ابن إسحاق بنحوه ، وذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٢٠٣).
(٨) انظر : تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٥٩٢).
(٩) في ب : وإياهم.
(١٠) في ب : تهلكه.