أي : على علم بما يكون منهم خلقهم.
(حَكِيمٌ).
حيث وضع الخلائق بموضع يدل على وحدانيته (١) وألوهيته ، لو تدبروا فيه ونظروا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً).
أي : كان لا ينفق حسبة.
وقال بعضهم : ينفق ولا يراه حقّا ، إنما يراه غرما يلحقه ، وغرما يغرمه.
وأصله : أنهم لو كانوا علموا حقيقة أنهم وما حوته أيديهم لله ليس لهم ، [لم] يعدوا (٢) ذلك غرما وتبعة [لحقتهم ، ولكن لما لم يروا لله تعالى في أموالهم حقّا ولم يعلموا أن أموالهم لله حقيقة لا لهم عدوا ذلك غرما وتبعة](٣).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ).
قيل (٤) : الدوائر : هو انقلاب الأمر ، وهو من الدوران.
ثم يحتمل قوله : (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ) : ما قال بعضهم (٥) : موت محمد.
وقيل (٦) : دوائر الزمان وحوادثها.
(عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) ، أي : عليهم انقلاب الأمر وعليهم ما تربصوا (٧) على المؤمنين.
وقوله : (وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ).
ليس على حقيقة الإنزال من موضع ، ولكن على خلق ذلك ؛ كقوله : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ) [الزمر : ٦] ، (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً) [الأعراف : ٢٦].
وقوله : (وَاللهُ سَمِيعٌ) : لما قال ، (عَلِيمٌ) : بما أسروا وأضمروا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ).
ذكر في الآية أن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ليعلم أن قوله : (الْأَعْرابِ
__________________
(١) في ب : وحدانية الله.
(٢) في أ : عدوا.
(٣) سقط في أ.
(٤) انظر : تفسير الخازن والبغوي (٣ / ١٧٥).
(٥) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٤٨٢) وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي.
وكذا ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٣٢١) وأبو حيان في البحر (٥ / ٩٤).
(٦) انظر : تفسير الخازن والبغوي (٣ / ١٧٦).
(٧) في أ : تربصون.