والثاني :
ليحذروا ويمتنعوا عن مثله والمعاودة إليه ؛ لما علموا أنه يطلع على جميع ما يسرون
عنه ويكتمون.
والثالث :
تنبيها للمؤمنين وتعليما لهم منه بأنه إذا وقع لهم مثل ذلك لا يشتغلون بالحلف طلبا
لإرضاء بعضهم بعضا ، ولكن يتوبون إلى الله ، ويطلبون منه مرضاته.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ
أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ).
ذكر نفسه
ورسوله ثم أضاف الرضاء إلى رسوله بقوله : (أَحَقُّ أَنْ
يُرْضُوهُ) ، ولم يقل : [أحق] أن يرضوهما ؛ فهو ـ والله أعلم ـ لأنهم إذا أرضوا رسوله
رضي الله عنهم ، وكان في إرضائهم رسوله إرضاء له ، فهو ما ذكر أنهم (إِذا دُعُوا إِلَى
اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) ثم أضاف الحكم إلى رسوله ؛ لأنهم إنما دعوا إلى أن يحكم
الرسول بينهم.
وقوله : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ
يُرْضُوهُ) ؛ لأن الخلاف والخيانة كان في حق الله ، وفي حق رسوله ، لم يكن في حق المؤمنين ؛ لذلك قال : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ
يُرْضُوهُ) من المؤمنين.
ثم ذكر محادة الله ورسوله ، ثم اقتصر على رضاء رسوله ؛ لأنهم لم
يقصدوا قصد مخالفة [الله ، وإنما قصدوا قصد مخالفة] رسوله ، أو أن يكون ذكر إرضاء أحدهما ؛ لأن في إرضاء
رسوله رضاء الرب ؛ كقوله : (مَنْ يُطِعِ
الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النساء : ٨٠].
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلَمْ يَعْلَمُوا
أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ)
[و] في الآية
دلالة أنهم علموا أنهم معاندون في صنيعهم ، وعلموا أن من عاند وكابر بغير حق فإن له
نار جهنم.
وقوله : (يُحادِدِ اللهَ).
يحتمل : يعاند
الله.
وقيل : (يُحادِدِ اللهَ)
: يشاقق الله
ويخالفه ؛ وهو واحد.
__________________