ما ضيع قوم موسى.
وقوله : (مِنْ بَعْدِهِ) أي : من بعد مفارقة موسى قومه.
وقوله : (مِنْ حُلِيِّهِمْ) ، وقال في موضع آخر : (أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ) [طه : ٨٧] وكانت تلك الحلي عارية (١) عندهم من قوم فرعون ، بقوله : (أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ) [طه : ٨٧] أضاف إلى فرعون ، وأضاف هاهنا إلى قوم موسى ، بقوله : (مِنْ حُلِيِّهِمْ) دل أن العارية يجوز أن تنسب إلى المستعير.
وفيه دلالة أن من حلف : لا يدخل دار فلان ، فدخل دارا له عارية عنده يحنث (٢).
وقوله : (عِجْلاً جَسَداً).
__________________
(١) عارية : بتشديد الياء ، وقد تخفف ، تقول : أعرته الشيء ، أعيره إعارة وعارة.
والعارية والعارة : ما تداوله الناس بينهم ، وقد أعاره الشيء ، وأعاره منه ، وعاوره إياه ، والمعاورة والتعاور : المداولة والتداول في الشيء يكون بين اثنين.
وتعور واستعار : طلب العارية واستعاره الشيء ، واستعاره منه : طلب إليه أن يعيره إياه.
وقيل : في قوله مستعار ، قولان :
أحدهما : أنه استعير فأسرع العمل به مبادرة ؛ لارتجاع صاحبه إياه.
والثاني : أن يجعل من التعاور ، يقال : استعرنا الشيء ، واعتورناه ، وتعاورناه : بمعنى واحد.
وقيل : مستعار : بمعنى متعاور ، أي : متداول.
وقد استعمل الفقهاء اسم الإعارة للدلالة على العقد الذى يترتب عليه تمليك المنافع بلا عوض أو إباحتها ، على الخلاف في ذلك.
كما استعملوا اسم العارية تارة للدلالة على ذلك العقد ، وعلى هذا أكثر كتب الفقهاء ، وتارة للدلالة على الشيء المعار.
وعرفها الحنفية : بأنها تمليك المنافع بغير عوض.
وخالف الكرخي ، فقال : هي إباحة الانتفاع بملك الغير ، وعلى ذلك فهي عقد عندهم.
وعرفها ابن عرفة من المالكية :
بأنها تمليك منفعة مؤقتة بزمن أو فعل نصّا أو عرفا بلا عوض. وعرف الاسم منها ، وهي العارية : بأنها مال ذو منفعة مؤقتة ملكت بغير عوض.
وعرفها الشافعية :
بأنها إباحة الانتفاع بما حل الانتفاع به مع بقاء عينه ، أما العارية : فاسم لما يعار.
وعرفها الحنابلة :
بأنها إباحة الانتفاع بعين من أعيان المال بلا عوض.
وعرفها الظاهرية :
بأنها إباحة منافع بعض الشيء : كالدابة للركوب ، والثوب للباس.
ينظر : لسان العرب (٢٠ / ٦١٨ ، ٦١٩) (عور) ، والقاموس المحيط (٢ / ٩٦) (عور) ، والهداية والعناية بتكملة فتح القدير (٧ / ٩٩ ـ ١٠٠) ، وشرح الخرشي وحاشية العدوي عليه (٦ / ١٣٩ ـ ١٤٠) ، وأسنى المطالب (٢ / ٣٢٤) ، والمغني والشرح الكبير (٥ / ٣٥٤) ، والمحلى (٩ / ١٦٨).
(٢) ينظر المبسوط (١٥ / ٧٨).