يحتمل : أنهم كانوا مؤمنين من قبل فكذبوا الآيات ، فكفروا بها ، فحبطت الأعمال التي كانت لهم في حال الإيمان ، وبطلت.
ويحتمل : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) : المعروف الذي كانوا يفعلون (١) في حال الكفر ؛ من نحو صلة الرحم ، والصدقات وغيره من المعروف ، والخيرات التي عملوا بها ، حبط ثواب ذلك كله إذا لم يأتوا بالإيمان.
وقوله ـ عزوجل ـ : (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
أي : ما يجزون إلا ما كانوا يعملون من الاستهزاء بالآيات والاستخفاف.
قوله تعالى : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ (١٤٨) وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (١٤٩) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١٥٠) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (١٥١) إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ)(١٥٢) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)(١٥٣)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً).
قوله : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى) كيفية وصف اتخاذ العجل ما ذكر في سورة طه بقوله : (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ ...) [طه : ٨٨] الآية ، وصف الله ـ تعالى ـ قوم موسى بعضهم بالهداية ، والعدالة ، واتباع الحق بقوله : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) [الأعراف : ١٥٩] ، وبعضهم وصفهم بالسفاهة ، وقلة الفهم والضعف في الدين بقولهم : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) [الأعراف : ١٣٨] ، وقال : هاهنا : اتخذوا العجل إلها عبدوه ، يذكر (٢) هذا ـ والله أعلم ـ لما لم يعرفوا نعم الله ولم يتفكروا في آياته وحججه ، يذكر هذا لنا لننظر في آياته وحججه والتفكر في نعمه ، فنؤدي (٣) شكرها ، ونتدبر (٤) في آياته وحججه لنتبعها ولا نضيعها على
__________________
(١) في أ : يعملون.
(٢) في أ : بذكر.
(٣) في أ : فيؤدي.
(٤) في أ : ويتدبر.