وقال بعضهم (١) : هم المكاتبون ، يستأدونهم في كتابتهم ، وقالوا : لا يشبه الإعتاق ما يدفع إلى المكاتب فيؤدي فيعتق ؛ لأن العتق ليس بتمليك ، وإنما هو إبطال ملك ، وما يدفع إلى المكاتب فهو تمليك ، فذلك مختلف ، وإنما تكون الزكاة زكاة إذا زالت من مالك إلى مالك.
والثاني : أن العتق يوجب الولاء (٢) للمعتق ، فحقه فيه باق ، والذي يدفع الزكاة إلى مكاتب لغيره لا يرجع إليه بذلك حق ، ولا يجب فيه ولاء ، فهما مختلفان.
والثالث : وهو أن الله ـ تعالى ـ [قال](٣) : (وَالْغارِمِينَ) ، ولو أن رجلا قضى من غارم دينه بغير أمره ، لم يجز من زكاة ماله ، وإنما يكون زكاة إذا دفعها إلى الغارم ، فعتق المزكي العبد بمنزلة قضاء دين الغارم ؛ لأنه لا يحتاج في واحد منهما إلى قبول من الغارم (٤) والعبد ، وإعطاؤه (٥) المكاتب في الزكاة كدفعه إياها إلى الغارم ؛ لأنه قد دفعها في كلا الحالين إلى من قبلها منه من زكاة وقبضها ، وفي ذلك وجه آخر : وذلك أن أشترى عبدا من رجل لأعتقه ، فقد صار ثمنه دينا في ذمتي قبل أن أنقد المال ، فإذا أقبضته فإنما قضيته عن ذمتي دينا قد لزمني ، ولا يجوز أن أقضي ديني (٦).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَفِي سَبِيلِ اللهِ).
قيل (٧) : هم الغزاة.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ٤٠١) (١٦٨٧٦) عن أبي موسى الأشعري (١٦٨٧٧) عن الزهري ، (١٦٨٧٨) عن ابن زيد (١٦٨٧٩) عن الحسن وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٤٥١) وعزاه لابن أبي حاتم عن مقاتل ولابن المنذر بمثله عن إبراهيم النخعي.
(٢) الولاء : من آثار العتق ، مأخوذ من الولي بمعنى القرابة ، يقال : بينهما ولاء : أي قرابة حكمية حاصلة من العتق أو الموالاة ، ومنه قوله عليهالسلام : «الولاء لحمة كلحمة النسب» أي وصلة كوصلة النسب ، قيل : الولاء والولاية بالفتح : النصرة. وفي الصحاح : الولاء ولاء المعتق ، وفي الحديث : (نهى عن بيع الولاء وعن هبته).
والولاء : الموالون. والموالاة : ضد المعاداة ، والمعاداة والعداوة بمعنى واحد.
ثم اعلم أن الولاء نوعان : ولاء عتاقة ويسمى ولاء نعمة ، وسبب هذا الولاء : الإعتاق عند الجمهور. وولاء الموالاة وسببه العقد الذي يجري بين اثنين.
ينظر : التعريفات (ص ١٧٥) ، وشرح الحدود (ص ٥٢٠) ، والمطلع (ص ٣١١) ، وتكملة فتح القدير (٢١٧) ، وحاشية ابن عابدين (٦ / ١١٩) ، والكافي (٢ / ٩٧٥) ، ومغني المحتاج (٤ / ٥٠٦) ، والإشراف (٢ / ١٠٥) ، والصحاح (٦ / ٢٥٣٠) ، وأنيس الفقهاء (٢٦١ ، ٢٦٢).
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : الغارمين.
(٥) في أ : وإعطاء.
(٦) أي : من الزكاة.
(٧) أخرجه ابن جرير (٦ / ٤٠٢) (١٦٨٩٢) عن ابن زيد وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٤٥٢) وعزاه لابن ـ