وقال القتبي (١) : (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) : من الوضع ، وهو سرعة السير.
وقال أبو عوسجة : هو من الإيضاع يكون على الإبل.
وهو عندي من عدو الإبل ، يقال : أوضعت البعير ، وركضت الفرس ، وأجريت الحمار.
(خِلالَكُمْ) : بينكم.
وقيل : الخلال : القتال ، وهو ما ذكرنا أنهم يدخلون فيهم النقصان والقتال والفشل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ).
قيل : يبغون منكم الفتنة ، وهو الشرك الذي كانوا هم عليه.
ويحتمل ما ذكرنا من القتل ، وإدخال الفشل والجبن فيهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ).
هذا يحتمل وجهين أيضا :
يحتمل : أن هؤلاء المنافقين يكونون سماعا لهم وخبرا وعيونا ، يخبرونهم عن عورات المسلمين وضعفهم.
ويحتمل قوله : (وَفِيكُمْ) : من المؤمنين.
(سَمَّاعُونَ لَهُمْ) ؛ لأنه (٢) قيل (٣) : إنه كان من أصحاب النبي أهل محبة لهم وطاعة ؛ لشرفهم فيهم.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) : كان الرجل يرى الجماعة من المسلمين فيضرب دابته حتى يدخل بينهم ، ثم يقول : أبلغكم ما بلغني؟ إن العدو أمامكم قد غوروا المياه ، وفعلوا كذا ، وهيئوا (٤).
ويحتمل قوله : (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) أي : فيكم من المنافقين الذين قعدوا ولم يخرجوا يسمعون المؤمنين الذين لم يخرجوا ـ أيضا ـ ما يكرهونه (٥) يقولون : الدبرة على المؤمنين ، ونحو ذلك من الهزيمة.
وقوله : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).
أي : لا عن جهل أمهلهم على ما هم عليه ، ولكن أخرهم ليوم ؛ كقوله : (وَلا تَحْسَبَنَ
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤) (١٦٧٨٩) عن مجاهد وفي (١٦٧٩٠) عن قتادة.
(٢) في أ : الآية.
(٣) أخرجه بمعناه ابن جرير (٦ / ٣٨٤) (١٦٧٩٦) عن ابن إسحاق.
(٤) في أ : هبوا.
(٥) في أ : يكون.