يحتمل قوله : (وَقِيلَ اقْعُدُوا) : لما استأذنوا رسول الله بالقعود ، أذن لهم في ذلك ؛ على ما وقع عنده أن لهم عذرا في ذلك.
وإن كان من الله ـ عزوجل ـ فهو على التهديد والوعيد (١).
ويحتمل أن يكون من الشيطان ، وسوس إليهم أن اقعدوا ؛ ترغيبا منه إياهم بالقعود والتخلف ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً).
قوله : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ) ، أي : لو كانوا خرجوا فيكم ؛ ألا ترى أنه قال : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ) ؛ دل هذا أنهم لم يكونوا خرجوا ، ولو كانوا خرجوا لم يكن يثبطهم ، دل أنه ما ذكرنا.
والانبعاث : هو الخروج ، وكذلك في حرف ابن مسعود : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ).
والتثبيط : الحبس ، وأصل التثبيط : التثقيل (٢).
وقال أبو عوسجة : الانبعاث : هو القيام ، والخبال : قيل (٣) : الفساد والشر.
وقيل : الغي ، وهو واحد.
وقوله : (ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) ، يحتمل زيادة الخبال وجوها :
يحتمل : أن يكونوا عيونا للعدو ، ويخبروهم عن عورات المسلمين ، أو كانوا يجبنون أهل الإسلام ؛ كقولهم : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) [آل عمران : ١٧٣] ونحوه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) قيل (٤) : هو من إيضاع الإبل (خِلالَكُمْ) يتخلل فيما بينكم.
وقيل : (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ).
أي : رواحلهم حتى يدخلوا بينكم حتى لا يصيبهم (٥) الأذى ، كانوا يستترون بالمسلمين ؛ لئلا يصيبهم [شيء](٦) من البلاء والشدة.
__________________
(١) في ب : التوعد.
(٢) والتثبيط : التعويق ، يقال : ثبطت زيدا ، أي : عقته عما يريده ، من قولهم : ناقة ثبطة أي : بطيئة السير.
ينظر : اللباب (١٠ / ١٠٥).
(٣) انظر : تفسير ابن جرير (٦ / ٣٨٣) ، وتفسير الخازن والبغوي (٣ / ١٣٢).
(٤) ذكره الرازي في تفسيره (١٦ / ٦٥) ، وكذا ابن عادل في اللباب (١٠ / ١٠٨).
(٥) في أ : يصيبكم.
(٦) سقط في أ.