وصلى صلاتنا ، وأكل ذبيحتنا ـ فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله ، ومن أحبّ ذلك من المجوس فهو آمن ، ومن أبي فعليه الجزية» (١).
[وفي بعض الروايات : «استقبل قبلتنا ، وصلى صلاتنا ، وأكل ذبيحتنا ، له ما لنا ، وعليه ما علينا ، ومن ترك ذلك فعليه الجزية»](٢).
وعلى ذلك مضت الأئمة ، ولم ينكر أحد من السلف ، حتى قال قوم في المجوس : إنما أخذت منهم الجزية ؛ لأنهم أهل كتاب ، فأحلوا ذبائحهم ونساءهم ، وذهبوا إلى ما روي عن علي.
وقال آخرون : ليسوا من أهل كتاب ، ولكن الجزية تؤخذ منهم ؛ اتباعا لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ، ولا آكلي ذبائحهم» ، وما روي عن الصحابة وأئمة الهدى.
ثم المسألة في تقدير الجزية :
روي في بعض الأخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه بعث معاذا إلى اليمن ، فقال له : «خذ من كل حالم دينارا أو عدله معافريا» (٣).
وروي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه بعث عثمان بن حنيف إلى السواد ، وأمره أن يضع على أهل السواد الخراج (٤) ثمانية وأربعين درهما (٥) ، وأربعة وعشرين درهما ، واثني
__________________
(١) هذا الحديث له شاهد من حديث أنس بن مالك أخرجه كل من :
البخاري في صحيحه (٢ / ٥٢ ـ ٥٣) ، كتاب الصلاة باب فضل استقبال القبلة ويستقبل بأطراف رجليه القبلة (٣٩١) ، والنسائي (٨ / ١٠٥) ، كتاب الإيمان باب صفة المسلم (٥٠١٢) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (١ / ٣٣) ، وعزاه للطبراني في الكبير عن جندب وقال : وعبيد بن عبيدة النجار لم أقف له على ترجمة.
(٢) سقط في أ.
(٣) أخرجه أحمد (٥ / ٢٣٠) وعبد الرزاق (٦٨٤١) وأبو داود (١٥٧٧ ، ١٥٧٨ ، ٣٠٣٩) ، والترمذي (٦٢٣) ، وابن ماجه (١٨٠٣) ، والنسائي (٥ / ٢٥ ، ٢٦) ، والطيالسي (٥٦٧) ، وابن خزيمة (٢٢٦٧) ، وابن حبان (٤٨٨٦) ، والطبراني في الكبير (٢٠ / ١٢٨ ـ ١٣٠) (٢٦٠ ، ٢٦١ ، ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، ٢٦٤ ، ٢٦٥) ، والدارقطني (٢ / ١٠٢) ، والحاكم (١ / ٣٩٨) ، والبيهقي (٤ / ٩٨ ، ٩ / ١٨٧ ، ١٩٣).
(٤) الخراج لغة : الإتاوة سواء في ذلك فتح الخاء وكسرها وضمها وأصله ما يخرج من غلة الأرض والعبد ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «الخراج بالضمان» ، أي غلة العبد للمشتري بسبب أنه في ضمانه وذلك بأن يشتري عبدا ويستغله زمانا ثم يعثر فيه على عيب وله البائع ، ثم سمي به ما يأخذه السلطان خراجا فيقع على الضريبة والجزية ومال الفيء ، وفي الغالب يخص بضريبة الأرض. وفي المغرب الخراج في اللغة ما يخرج من غلة الأرض أو الغلام ومنه (الخراج بالضمان) أي الغلة بسبب أرضه إن ضمنت ، ثم سمي به ما يأخذه السلطان خراجا فيقال : أدى خراج أرضه وأدى أهل الذمة خراج رءوسهم يعنى الجزية ، والخراج عند العامة مسح الأرض لأجل ترتيب الأموال السلطانية عليها. ـ