__________________
ـ رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يوما ثم يوما ثم يوما» وقسمها عمر ـ رضي الله عنه ـ بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية.
وأما رهن النبي صلىاللهعليهوسلم درعه عند اليهودي فلعله من اليهود الذين كانوا يقدمون المدينة بالميرة والتجارة من حولها ، أو من أهل خيبر ، وإلا فيهود المدينة كانوا ثلاث طوائف : بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة. فأما بنو قينقاع فحاربهم أولا ، ثم منّ عليهم. وأما بنو النضير فأجلاهم إلى خيبر ، وأجلى بني قينقاع أيضا ، وقتل بني قريظة ، وأجلى كل يهودي كان بالمدينة ؛ فهذا اليهودي المرتهن : الظاهر أنه من أهل العهد ، قدم المدينة بطعام أو كان ممن لم يحارب فبقي على أمانه ، فالله أعلم.
فهذا أصل إجلاء الكفار من أرض الحجاز ؛ ثم اختلف الفقهاء بعد ذلك ، فقال مالك : أرى أن يجلوا من أرض العرب كلها ؛ لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب». وفي صحيح مسلم من حديث عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، حتى لا أدع فيها إلا مسلما». وقال الشافعي : يمنعون من الحجاز ، وهو مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها ، وهى قراها. أما غير الحرم منه فيمنع الكتابي وغيره من الاستيطان والإقامة به ؛ وله الدخول بإذن الإمام لمصلحة كأداء رسالة أو حمل متاع يحتاج إليه المسلمون ؛ وإن دخل لتجارة ليس فيها كثير حاجة لم يأذن له إلا بشرط أن يأخذ من تجارته شيئا ؛ ولا يمكن من الإقامة أكثر من ثلاث. وقد أدخل بعض أصحاب الشافعي اليمن في جزيرة العرب ، ومنعهم من الإقامة فيها ؛ وهذا وهم ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم بعث معاذا قبل موته إلى اليمن ، وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا ، وأقرهم فيها وأقرهم أبو بكر بعده ، وأقرهم عمر وعثمان وعلي ـ رضي الله عنهم ـ ، ولم يجلوهم من اليمن مع أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، فلم يعرف عن إمام أنه أجلاهم من اليمن ، وإنما قال الشافعي وأحمد : يخرجون من مكة والمدينة واليمامة وخيبر وينبع ومخاليفها ، ولم يذكرا اليمن. ولم يجلوا من تيماء أيضا وكيف يكون اليمن من جزيرة العرب وهى وراء البحر ، فالبحر بينها وبين الجزيرة فهذا القول غلط محض.
وأما الحرم : فإن كان حرم مكة فإنهم يمنعون من دخوله بالكلية ، فلو قدم رسول لم يجز أن يأذن له الإمام في دخوله ويخرج الوالي أو من يثق به إليه ، ولا يختص المنع بخطة مكة بل بالحرم كله. وأما حرم المدينة فلا يمنع من دخوله لرسالة أو تجارة أو حمل متاع.
فهذا تفصيل مذهب الشافعي ـ رحمهالله تعالى ـ وأما مذهب أحمد ـ رحمهالله تعالى ـ فعنده : يجوز لهم دخول الحجاز للتجارة ؛ لأن النصارى كانوا يتجرون إلى ا لمدينة في زمن عمر ـ رضي الله عنه ـ كما تقدم. وحكى أبو عبد الله بن حمدان عنه رواية : أن حرم المدينة كحرم مكة في امتناع دخوله. والظاهر أنها غلط على أحمد ، فإنه لم يخف عليه دخولهم بالتجارة في زمن عمر ـ رضي الله عنه ـ وبعده وتمكينهم من ذلك. ولا يأذن لهم في الإقامة أكثر من ثلاثة أيام ، وقال القاضي : أربعة ، وهي حد ما يتم المسافر الصلاة. وإذا مرض بالحجاز جازت له الإقامة لمشقة الانتقال على المريض. ويجوز أن يقيم معه من يمرضه ؛ وإن كان له دين على أحد وكان حالّا أجبر غريمه على وفائه ، فإن تعذر وفاؤه لمطل أو غيبة مكن من الإقامة ليستوفي دينه ، وفي إخراجه ذهاب ماله ، وإن كان الدين مؤجلا لم يمكن من الإقامة ، ويوكل من يستوفيه ؛ لأن التفريط منه. فإن أراد أن يضع ويتعجل فهل يجوز ذلك ، على روايتين منصوصتين أشهرهما المنع ، وأصحهما عند شيخنا الجواز. والمنع قول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ والجواز قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وروى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ