كان كذلك بطل التقدير بالذي ذكر ، والله الموفق.
وأيضا : إنه في الشاهد بكل أسباب العلم لا يعلم غير العرض (١) والجسم ، ثم جائز العلم بالغائب خارجا منه ، فمثله الرؤية.
والثالث : ما ذكرنا من رؤية الظل والظلمة والنور من غير شيء من تلك الوجوه.
والرابع : أنه قد يجوز وجود تلك المعاني كلها مع عدم الرؤية ، إما بالحجب أو بالجوهر ، فجاز تحقيق الرؤية على نفي تلك المعاني نحو ما أجيب القائل (٢) بالجسم عند معارضته بالفاعل والعالم ؛ إذ وجد جسم لا كذلك ، فيجوز وجود ذلك ولا جسم ، فمثله في الرؤية على أن العبد الذي يحجبنا الرؤية يجوز أن يبلغه بصر غيرنا ، فصار ارتفاع الرؤية بالحجاب ، فإذا ارتفع جاز ، ولا قوة إلا بالله.
وبعد ، فإن الذي يقوله تقدير برؤية الأجسام ، ولم يمتحن بصره بغير الأجسام والأعراض ؛ إذ كيف سبيل الرؤية له.
وبعد ، فإن كل جسم يرى ، وإن كانت الدقة والبعد يحجبان فيجوز ارتفاعهما عن بصر غير فيرى على ما يرى ملك الموت من بأطراف الأرض ووسطها مما لو اعتبر ذلك ببصر البشر ، لما احتمل الإدراك ، فثبت أن الذي قدر به ليس هو سبب تعريف ما يبصره (٣) ، ولكن بسبب تعريف ما يحجب به البصر ، فإذا ارتفع رأى مع ما كان المنفي رؤيته لذاته عرض ، وإلا فكل جسم يرى ، فإن لزم إنكار الرؤية لما ليس بجسم أو لما لا يرى إلا بما ذكر للزم الإقرار به ؛ لأن الذي لا يرى لذاته هو العرض ، وإلا فكل غير يرى ، ولا قوة إلا بالله.
وعورض بأمر الدنيا ومحال العرض بذلك لا تسقط المحنة وترفع الكلفة والدنيا هي لهما.
ثم ذكر في أمر موسى أن ذلك على علم الإحاطة بالآيات ، وقد بيّنا فساد ذلك ، وما ذلك العلم بالذي يسأل وهو رسول بعث إلى ما به نجاة الخلق ، وذلك لا يكون بغير الممتحن ؛ إذ هو تبليغ الرسالة والدعاء إلى العبادة وهي محنة ، بل سأل الرؤية ؛ ليجل (٤) قدره [و](٥) ليعرف عظيم محله عند الله ، أو أن يكون الله أمره به ؛ ليعلم الخلق جواز
__________________
(١) في أ : العضو.
(٢) في أ : القابل.
(٣) في ب : يبصر.
(٤) في أ : ليحل.
(٥) سقط في أ.