__________________
ـ الحسنى : (القادر) ، قال تعالى : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ)[الأنعام : ٦٥] ، وقال سبحانه : (فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ)[المرسلات : ٢٣].
وورد أنه تعالى (المقتدر) ، قال سبحانه : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً)[الكهف : ٤٥].
وقال : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) [القمر : ٥٤ ـ ٥٥].
وورد أنه (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات : ٥٨].
فالقوة كمال القدرة ، والمتانة كمال القوة ، وكون الشيء يؤثر في غيره يسمى قوة ، وكونه لا يتأثر بغيره يسمى أيضا قوة.
فالإنسان الذي يقوى على أن يصرع الناس يسمى قويّا ، والإنسان الذي لا ينصرع من أحد يسمى أيضا قويّا.
وبهذا التفسير يسمى الحجر والحديد قويّا شديدا.
إذا تأملنا هذا ، علمنا أن القوى على الحقيقة ليس إلا الله جل في علاه.
ولم يكتف القرآن الكريم بإثبات صفة القدرة لله تعالى فقط ، بل أكد ذلك بأمور :
ـ أنه منزه عن التعب والنصب : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ)[ق : ٣٨].
ـ أن قدرته لا تحتاج إلى آلات ، أو أدوات ، أو مواد ، (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[يس : ٨٢].
ـ أنه لا تفاوت في قدرته بين فعل الكثير والقليل : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[النحل : ٧٧].
ومن حديث القرآن الكريم عن مظاهر قدرته تعالى نختار موضعين :
الموضع الأول ـ قال الله تعالى :
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ* وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ* وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ* وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ* وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ* وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ* وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ* وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الروم ٢٠ ـ ٢٧].
الموضع الثاني ـ قال سبحانه :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) [الزمر : ٢١].
فبقدرته تبخر الشمس مياه البحار والمحيطات ، فتصعد إلى السماء ثم تتكثف وتسقط أمطارا ؛ لأن التبخير يخلصه من الأملاح التي تضر الإنسان والحيوان.
قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ)[الواقعة : ٦٨ ـ ٧٠].
لكن لو ظل هذا الماء يرتفع في الفضاء لتبدد ولم ينتفع به ؛ فاقتضت حكمته وقدرته أن يتكثف بالبرودة ، ولكن كيف ذلك؟ ـ