__________________
ـ والذي يغيث الملهوف هو الله تعالى.
ونجد الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «من أغاث ملهوفا كتب الله له ثلاثا وسبعين مغفرة».
ـ والذي يفزع إليه في الحوائج هو الله تعالى.
ونجد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «إن لله تعالى عبادا اختصهم بحوائج الناس ، يفزع الناس إليهم في حوائجهم ، أولئك الآمنون من عذاب الله».
وهكذا ينسب الفعل إلى الله نسبة حقيقية ، وينسب إلى العبد نسبة سببية.
ينظر : عقيدتنا للدكتور محمد ربيع جوهري (١٦٢ ـ ١٦٣).
(٣) هي صفة قديمة قائمة بذاته تعالى يتأتى بها إيجاد كل ممكن وإعدامه على وفق علمه وإرادته ، ومعنى ذلك أنه تعالى قادر يختار في إيجاد الممكنات ، أو تركها على ما كانت عليه من العدم ، أو إعدامها بعد إيجادها ؛ لأن ذلك هو الكمال اللائق بالألوهية فليس شيء من الفعل أو الترك لازما لذاته.
فإذا كان علم الله صفة انكشاف ، وإرادته صفة تخصيص ، فإن قدرته صفة تأثير وتنفيذ لما علمه وأراده من الممكنات. فإذا علم الله تعالى أن سيكون لك غلام ، واختارت الإرادة الإلهية ، ورجحت الصفات التي سيكون عليها الغلام ـ فإن القدرة الإلهية هي التي ستبرز هذا الغلام إلى الوجود ، فبالقدرة يكون الإيجاد ، وبالقدرة يكون الإعدام ، وبالقدرة يكون الخلق ، وبالقدرة يكون الرزق ، وبالقدرة كانت الأرض مهادا ، والجبال أوتادا وبالقدرة كان النوم سباتا ، والليل لباسا ، والنهار معاشا ، وبالقدرة يكون إرسال الرياح ، وإنزال مياه الأمطار ، وإنبات الزروع والثمار والأشجار.
والقدرة كالإرادة لا تتعلق بالأمر الواجب ؛ لأنها لو تعلقت به لإيجاده يكون تحصيل حاصل ، ولو تعلقت به لإعدامه كان قلبا للحقائق ؛ لأنه لا يقبل العدم.
كذلك لا تتعلق القدرة بالأمر المستحيل ؛ لأنها لو تعلقت به لإيجاده ، كان قلبا للحقائق ؛ لأنه غير قابل للوجود ، ولو تعلقت به لإعدامه ، كان تحصيل حاصل.
فقوله تعالى : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة : ٢٨٤] أي : كل شيء ممكن قابل للوجود والعدم ، أما المحال لذاته مثل كون الشيء موجودا معدوما في حال واحدة ، فلا تتعلق به القدرة.
وعموم لفظ (كل) في كل موضع بحسبه ، ويعرف ذلك بالقرائن : فقوله تعالى عن الريح التي أرسلها على عاد : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ)[الأحقاف : ٢٥] أي : تدمر كل شيء يقبل التدمير ويستحقه ، فمساكنهم ـ وإن كانت شيئا ـ لم تدخل في عموم : (كل).
وقوله تعالى عن بلقيس : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)[النمل : ٢٣] أي : من كل شيء يحتاج إليه الملوك ، وهكذا.
وقدرة الله تعالى تختلف عن قدرة العبد ؛ لأن قدرة العبد حادثة ومحدودة ، ومحال أن يوصف غير الله بالقدرة المطلقة ، وإذا قلنا : فلان من الخلق قادر ، فعلى سبيل التقييد ، أي : قادر على كذا ، ولا يقال : قادر مطلقا ؛ ولذلك فإنه لا يوصف أحد غير الله بالقدرة من وجه إلا ويصح أن يوصف بالعجز من وجه آخر ، بل من وجوه أخرى ، والله تعالى وحده هو الذي ينتفي عنه العجز من كل الوجوه.
ولم ترد لفظة (القدرة) كما جاءت صفة (العلم) ، ولكن ورد وصفه تعالى بأنه (قدير) ، قال سبحانه : (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الملك : ١].
والقدير : هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضي الحكمة بلا زيادة ولا نقصان ، ومن أسمائه ـ