__________________
ـ كان الظاهر أن تزداد الحرارة كلما ارتفعنا إلى أعلى ؛ لأننا نقترب بالارتفاع من الشمس ، وهي مصدر الحرارة ، ومعنى هذا : أن يزداد بخار الماء حرارة ، كلما ارتفع إلى أعلى ، فيخف وزنه ، فيرتفع أكثر في السماء فلا ينزل أبدا إلى الأرض.
هذا هو الظاهر لنا ، لكن الله قضى بعكس ما نظن لأول وهلة ، فقد قضى سبحانه أن تنخفض الحرارة كلما ارتفعنا إلى أعلى حتى نصل إلى مسافة ثمانية أميال فوق سطح البحر ، وهذه هي منطقة تكون السحاب وهي فوق أعلى الجبال.
وبعد هذه المنطقة نجد منطقة ثانية ، تثبت فيها درجة الحرارة ولا تتغير حتى ارتفاع ثلاثين ميلا فوق سطح الأرض ، بعدها تبدأ منطقة ثالثة تبدأ درجة الحرارة فيها في الارتفاع الشديد ، تليها منطقة أخرى فيها تنخفض درجة الحرارة!
تأمل مظهر القدرة الإلهية في التصميم المحكم لطبقات الجو ؛ مما يضمن ارتفاع ماء البحر العذب فوق مستوى الجبال ، ثم وقوفه وتكثفه بالبرودة الموجودة في الطبقة الأولى ؛ حتى لا يغادر الأرض. قال تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ)[المؤمنون : ١٨].
ولما كان بخار الماء خفيفا لا يرى ، فقد اقتضت حكمته تعالى وقدرته أن يرسل الرياح محملة بذرات الدخان والأتربة وحبوب اللقاح ، فتتكون جزئيات بخار الماء بها ، فتثيرها وتحركها ، وتتجمع حتى تصير سحابا ثقيلا لا يغادر غلاف الأرض.
تدبر قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)[الروم : ٤٨] ، والكسف : القطع ، والودق : المطر.
ويأمر الله الرياح بنقل هذا الماء من فوق البحار إلى أعماق القارات. قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ)[الأعراف : ٥٧].
وتأمل توزيع الماء العذب في عروق الأرض ، وكيف أن الأرض تحفظه من التعفن ، وكيف تحفظه قريبا من سطحها ؛ حتى يمكن الانتفاع به في شكل عيون وآبار ، تحتها صخور تحفظ المياه الجوفية حتى لا تغور في أعماق الأرض.
اقرأ قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)[الملك : ٣٠].
صفة القدرة في السنة المطهرة :
ـ قال صلىاللهعليهوسلم : «اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ؛ فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب».
ـ وقال صلىاللهعليهوسلم للمريض : «ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ثلاثا ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر».
ـ وقال صلىاللهعليهوسلم : «إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء».
ـ وعن أنس بن مالك أن رجلا قال : «يا رسول الله ، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال : «أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟!» قال قتادة : بلى وعزة ربنا».
ـ وكان صلىاللهعليهوسلم يقول خلف الصلاة : «لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد».
ـ وعن أبي الدرداء عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في قوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) ـ