له ، كذلك يعدكم النصر والظفر ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بِالْحَقِ) يحتمل وجوها ، يحتمل : بالحق الذي لله عليهم من الأمر بالخروج والقتال ، ويحتمل بالحق : بالوعد الذي وعد ؛ إذ وعد لهم النصر والظفر ، وقال بعض أهل التأويل (بِالْحَقِ) أي بالقرآن ، ولكن إن كان فهو ما ذكرنا بالأمر الذي يأمر القرآن.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) [يحتمل وجهين](١) :
يحتمل : فريقا من المؤمنين في الظاهر وهم المنافقون كرهوا الخروج للقتال.
ويحتمل : أن يكون المؤمنون (٢) في الحقيقة كرهوا الخروج للقتال كراهة الطبع لا كراهة الاختيار ، لما أمروا بالخروج للقتال [وهم غير متأهبين للقتال](٣) ولا مستعدين ؛ فكرهت أنفسهم ذلك كراهة الطبع لما لم يكن معهم أسباب القتال ، لا أنهم كرهوا أمر الله كراهة الاختيار.
وفي هذه الآية دلالة أن الأمر قد يكون في الشيء وإن لم يعلم وقت الأمر فيما يؤمر ، وفيه دليل جواز تأخر البيان ؛ لأنهم أمروا بالخروج للقتال ولم يعلموا (٤) وقت الخروج على ما ذا يؤمرون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِ) قيل : في القتال (٥) ، وقيل : قوله : (فِي الْحَقِ) الذي أمرت به أن تسير إلى القتال ، ويحتمل أن يكون قوله : (فِي الْحَقِ) الوعد الذي وعد لهم بالنصر والظفر. (بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) يحتمل قوله : (بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) الوعد الذي وعد لهم الله عزوجل بالنصر.
وقوله عزوجل : (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) فإن كانت الآية في المنافقين فهو ظاهر وهم كذلك ، وصفوا بالكسل في جميع الخيرات والطاعات ، كقوله : (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) [النساء : ١٤٢]. وإن كان في المؤمنين الذين حققوا الإيمان فهو لما كانوا غير مستعدين للقتال ولا متأهبين له كانوا
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) أخرجه الطبري (٦ / ١٨٢) (١٥٧٢٢) عن ابن عباس بنحوه.
(٣) سقط فى أ.
(٤) في ب : وهم لم يعلموا.
(٥) أخرجه الطبري (٦ / ١٨١) (١٥٧١٧ ، ١٥٧١٨ ، ١٥٧١٩) عن مجاهد.
وذكره السيوطي في الدر المنثور (٣ / ٣٠٠) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.