أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) [الحج : ١١] ونحو ذلك ، وأما المؤمن فإنه في جميع أحواله يتوكل على الله ومنه يخاف ، وإن كان يصل ذلك إليه ويجري على يد غيره فهو في الحقيقة من الله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) بحق الله الذي عليهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) يحتمل وجهين :
يحتمل : أولئك الذين حققوا إيمانهم.
والثاني : أولئك المؤمنون الذين وعد لهم وعدا حقّا ، وهو ما وعد لهم من الدرجات والمغفرة حق لهم ذلك الوعد ، والله أعلم.
(لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) قيل : فضائل عند ربهم (وَمَغْفِرَةٌ) أي : يستر عليهم ذنوبهم التي كانت لهم في الدنيا في الجنة وينسونها ؛ لأن ذكر ذلك ينقص عليهم نعمتهم التي أنعم عليهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) قيل : الحسن ورزق يكرم به أهله.
قوله تعالى : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥) يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ)(٦)
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ) لم يخرج لهذا الحرف جواب في الظاهر ؛ لأن جوابه أن يقول : كما أخرجك ربك من بيتك بالحق يفعل بك كذا ، ثم أهل التأويل اختلفوا في جوابه :
قال بعضهم : هو صلة قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) يقول : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ) كما كرهوا الخروج وجادلوك في قسمة الأنفال ، جادلوك في أمر العير.
ومنهم من يقول : جوابه في أمره بالقتال ، يقول : كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وهم كارهون لذلك كذلك يكلفك القتال وهم كارهون لذلك.
ومنهم من يقول : جوابه في قوله : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ) يقول : كما أجبتم الله في الخروج للقتال على غير تدبير منكم في ذلك ولا نظر ، فعلى ذلك يجيبكم في النعاس أمنة منه وإنزال الماء من السماء والتطهير به وتثبيت الأقدام ، على غير علم منكم ولا تدبير.
ومنهم من يقول : قوله : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ) غير متأهبين للقتال ولا مستعدين