قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٥ ]

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٥ ]

140/519
*

فإن كانت الأنفال الغنائم ، فالسؤال يحتمل وجهين :

يحتمل أنهم سألوا عن حلها وحرمتها ؛ لأن الغنائم كانت لا تحل في الابتداء.

قيل : إنهم كانوا يغنمونها ويجمعونها (١) في موضع ، فجاءت نار فحرقتها (٢) ، فسألوا عن حلها وحرمتها ، فقال : (الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) ، أي : الحكم فيها لله [والرسول](٣) يجعلها لمن يشاء.

ويحتمل السؤال [عنها : عن قسمتها](٤) ، وهو ما روي في بعض القصة (٥) أن الناس

__________________

ـ ثم أحل الله لنا الغنائم ، ثم رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا».

وبهذه الآية والأحاديث أخذت الغنائم في الإسلام حكم الحل ، ونزل فيها قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ...) الآية ، بيانا لطريق قسمتها.

والحكمة في حل الغنائم : أن المجاهدين لما خرجوا عن أموالهم وأولادهم ، وتركوا الاشتغال بأمور معاشهم رغبة في الجهاد في سبيل الله ، ونشر دينه وإعلاء كلمته ، وعرضوا أنفسهم لركوب الأخطار واستقبال الموت من أبوابه المختلفة ـ تفضل الله عليهم بإباحة الغنائم لهم ؛ تقوية لعزائمهم ، وحفزا لهممهم وتنشيطا لهم على الجهاد ، وكسرا لشوكة الكفار وإذلالا لهم ، بقتلهم ، وأسرهم ، وسلب ما يتمتعون به من نعم الله التي أغدقها عليهم ولم يقوموا بشكرها ، وإيذانا بأنهم ليسوا أهلا لها ، لعنادهم واستكبارهم عن عبادته.

ينظر : المصباح المنير (٢ / ٦٦٦) ، لسان العرب م (غ ن م) ، الحاوي (٨ / ٣٨٦) ، الأحكام السلطانية للماوردي ص (١٢٦) ولأبي يعلى الفراء ص (١٣٦).

(١) في ب : يجمعون.

(٢) في ب : فتحرقها.

(٣) سقط في ب.

(٤) في ب : عن قسمتها.

(٥) روى سعيد بن منصور والإمام أحمد وابن المنذر وابن حبان والحاكم والبيهقي في السنن عن عبادة ابن الصامت ـ رضي الله عنه ـ : «فالتقى الناس فهزم الله تعالى العدو ، فانطلقت طائفة في آثارهم يأسرون ويقتلون ، وأكبت طائفة على الفيء يحوزونه ويجمعونه ، وأحدقت طائفة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خوفا من أن يصيب العدو منه غرة ، حتى إذا كان الليل وافى الناس بعضهم إلى بعض ، قال الذين جمعوا الغنائم : نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب ، وقال الذين خرجوا في طلب العدو : لستم بأحق بها منا ، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم ، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لستم بأحق بها منا ، نحن أحدقنا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وخفنا أن يصيب العدو منه غرة ، فاشتغلنا به. فنزلت : (يَسْئَلُونَكَ) يا محمد (عَنِ الْأَنْفالِ) : الغنائم ، لمن هي؟ (قُلِ) لهم : (الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) يجعلانها حيث شاءا ، (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) أي حقيقة ما بينكم بالمودة وترك النزاع ، (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) حقا».

وروى ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن حبان وعبد الرزاق في المصنف ، وعبد بن حميد ، وابن مردويه ، وابن عساكر ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كان يوم بدر قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قتل قتيلا فله كذا وكذا ، ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا». ولفظ ابن عائذ : (من قتل قتيلا فله سلبه ، ومن أسر أسيرا فله سلبه). فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات. وأما الشبان فسارعوا إلى القتل والغنائم ، فقال المشيخة للشبان : أشركونا معكم ، فإنا كنا لكم ردءا ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا. فاختصموا إلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وجاء أبو اليسر بأسيرين فقال : يا رسول الله ، إنك ـ