ويطلبون منهم كذا [وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنهم آلهة على ما تزعمون.
أو (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فيما تزعمون أن عبادتكم إياها تقربكم إلى الله زلفى](١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها).
يسفه عقولهم بعبادتهم الأصنام التي لا أرجل لهم يمشون بها يهربون ممن يقصدهم بالسوء ، أو يقصدون بها قصد من أراد الضر بهم والسوء ، وكذلك يعبدون ما لا أيدي لهم يبطشون بها ويدفعون عن أنفسهم من أراد السوء ، أو يأخذون من يقصدهم ، وكذلك قوله : (أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها) يبصرون من يقصدهم بالسوء ، (أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) من يشتمهم ويذكرهم بالسوء ، يسفههم في عبادتهم من لا يملك دفع من يقصده بالسوء ، إما هربا منه ، وإما قصدا منه إليه بالسوء ، فإذا كانوا لا يملكون ذلك كيف تعبدونهم؟! (٢) وهو كقول إبراهيم ـ عليهالسلام ـ : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) [مريم : ٤٢] ، فإذا كانوا لا يملكون دفع ما يحل بهم ، فكيف يملكون جر النفع إليكم ، أو دفع الضر عنكم؟!
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ).
قال بعض أهل التأويل (٣) : خاطب به كفار مكة بقوله : (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) الذين (٤) تزعمون أنهم (٥) آلهة دون الله.
ويحتمل قوله : (شُرَكاءَكُمْ) أي : ادعوا من شاركوكم في عبادة من دونه ثم كيدون.
ويحتمل أن يكون الخطاب لجميع الكفار الذين كانوا يعبدون الأصنام والأوثان من دون الله ، قال ذلك لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين ظهرانيهم : (ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ) فلم (٦) يقدر أحد الكيد به والضرر مع قوتهم وعدتهم بالكثرة والأعوان ، وضعف رسول الله ، وقلة أعوانه ؛ دل عجزهم عن ذلك أنه كان آية في نفسه ، وأنه بالله ـ تعالى ـ ينتصر ، وبه (٧) قوي على أعدائه ، وذلك من عظيم آياته ؛ لأنه قال ذلك لمن كانت همتهم
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : تعبدون.
(٣) ذكره ابن جرير (٦ / ١٥٠) والرازي في تفسيره (١٥ / ٧٦).
(٤) في ب : التي.
(٥) في ب : أنها.
(٦) في أ : ثم لم.
(٧) في ب : وإنه.