(إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ) أي : لا يجيبوكم.
وجائز أن يكون يخاطب به أهل مكة ؛ يقول : وإن تدعوا الأصنام التي تعبدونها إلى الهدى لا يملكون إجابتكم ؛ يسفههم في عبادتهم من حاله ما وصف.
وقوله ـ عزوجل ـ : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ).
أمكن (١) أن تكون الآية في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون أبدا ؛ كقوله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [البقرة : ٦].
وقال بعضهم (٢) : قوله : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) يعني : المشركين (إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ) ؛ فعلى ذلك يخرج قوله : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ).
وأمكن أن يكون قوله : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ) في الأصنام ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ).
يحتمل قوله : (تَدْعُونَ) أي : تعبدون من دون الله ، وقد كانوا يعبدون من دون الله أصناما وأوثانا.
ويحتمل (تَدْعُونَ) أي : تسمونهم من دون الله آلهة.
وقوله : (عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) في الخلقة والدلالة على وحدانية الله في التدبير دونهم ؛ لما قال : (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها ...) إلى آخر ما ذكر ، أي : ليس لهم ما [ذكر فهم](٣) دونهم في التدبير والمعونة.
ويحتمل قوله : (تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) الملائكة الذين عبدوهم [هم](٤) عباد أمثالكم ، فلا تسموهم (٥) آلهة ، أي : لا تعبدوا عبادا أمثالكم ، ولكن اعبدوا من لا مثل له ولا نظير له.
وإن كان قوله : (عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) الملائكة ، فقوله : (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها ...)
الآية ، هو منه مقطوع منصرف إلى الأصنام.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
ذكر الدعاء والاستجابة ، ولم يبين في ما ذا يستجيبون ، ولا يجب أن تفسر الاستجابة في الشفاعة ، أو في التقريب إلى الله ، أو في غيره ؛ إلا أن يعلم أنهم كانوا يدعونهم بكذا ،
__________________
(١) في أ : أم.
(٢) انظر : تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٦٣١).
(٣) في ب : ما ذكر منهم.
(٤) سقط في أ.
(٥) في ب : فلا تسمونهم ، وتكون «لا» نافية وليست الناهية.