وقوله ـ عزوجل ـ : (سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
قال : هذه بشارة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بالنصر له ، والظفر على أعدائه في الدنيا.
وقال قائلون : هو حرف وعيد ؛ أوعدهم ـ عزوجل ـ بأذاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ) أي : يهدون الخلق بالحق الذي عندهم ، وهو القرآن والكتب التي عندهم.
وأمكن أن يكون الحق هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، به يهدون الناس ، وبه يعملون.
وجائز أن يكون قوله : (يَهْدُونَ بِالْحَقِ) أي : يدعون (١) الخلق إلى سبيل الله ؛ على ما ذكر في آية أخرى ؛ حيث قال : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النحل : ١٢٥].
ويحتمل الحق ـ هاهنا ـ هو الله ؛ كقوله : (أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) [النور : ٢٥].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَبِهِ يَعْدِلُونَ) أي : بالحق الذي يهدون يعملون ؛ كقوله : (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ ...) الآية [هود : ٨٨].
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)(١٨٦)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا).
قد ذكرنا هذا في غير موضع.
__________________
ـ يقولون ـ أخزاهم الله ـ : إن نبينا صلىاللهعليهوسلم يعلمه عداس ـ عبد لثقيف ـ قال الله ـ تعالى ـ ردّا عليه : إن لسان الذي نحوتم إليه أعجمي ، ولسان محمد صلىاللهعليهوسلم عربي مبين ؛ فبينهما بون بعيد.
وقوله تعالى : (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ)[الأعراف : ١٨٠] أي : يميلون فيصفون ربهم بغير ما يجوز عليه نفيا وإثباتا من أشياء افتروها عليه ، تعالى عما يقولون.
قال الراغب : الإلحاد ضربان : إلحاد إلى الشرك بالله ، وإلحاد إلى الشرك بالأسباب ، فالأول ينافي الإيمان ويبطله ، والثاني يوهي عراه ولا يبطله. ثم قال في قوله تعالى : والإلحاد في أسمائه على وجهين : أحدهما : أن يوصف بما لا يصح وصفه به ، والثاني : أن تتناول أوصافه على ما لا يليق به.
ينظر : عمدة الحفاظ (٤ / ١٦ ، ١٧) ، والمفردات (٤٤٨).
(١) في أ : يهدون.